وهو ثمر النخل، أو للتغذي وحده وهو الحب، ولما كان الأخيران أدخل في الامتنان شفع كلا بعلاوة فيها منة أيضا، وأنت تعلم أنه إذا كان المقصود من النخل ثمره المعروف فالعطف على أسلوب ملائكته وجبريل كما قيل به في قوله تعالى: * (فيها فاكهة ونخل ورمان) * (الرحمان: 68) وإذا كان ما يعمه وسائر ما ينتفع به منه كالجمار والكفرى، فالعطف ليس على ذلك، وجعل صاحب الكشف قول الزمخشري بعد تفسير * (الأكمام) * بالمعنى الأعم وكله منتفع به كالمكموم إشارة إلى هذا، ثم قال: ولا ينافي جعله منه في قوله تعالى: * (فيها فاكهة) * الخ نظرا إلى أن الجنة دار تخلص للتلذذ فالنظر هنالك إلى المقصود وهو الثمر فقط فتأمل.
وقرأ ابن عامر. وأبو حيوة. وابن أبي عبلة - والحب ذا العصف والريحان - بنصب الجميع، وخرج على أنه بتقدير وخلق الحب الخ، وقيل: يجوز تقدير أخص، وفيه دغدغة، وجوزوا أن يكون الريحان بمعنى اللب حالة الرفع وحالة النصب على حذف مضاف. والأصل وذو أو وذا الريحان فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه و * (الريحان) * فيعلان من الروح. فأصله ريوحان قبلت الواو ياءا لاجتماعها مع ياء ساكنة قبلها وأدغمت في الياء فصار ريحان بالتشديد ثم حذفت الياء الثانية التي هي عين الكلمة فقيل: ريحان كما قيل: ميت وهين بسكون الياء.
وعن أبي علي الفارسي أنه فعلان وأصله روحان بفتح الراء وسكون الواو قلبت واوه ياءا للتخفيف وللفرق بينه وبين الروحان بمعنى ماله روح.
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالآء ربكما تكذبان) * الخطاب للثقلين لأنهما داخلان في الأنام على ما اخترناه، أو لأن الأنام عبارة عنهما على ما روي عن الحسن، وسينطق بهما في قوله تعالى: * (سنفرغ لكم أنه الثقلان) * (الرحمان: 31) وفي الأخبار كما ستعلمه إن شاء الله تعالى قريبا ما يؤيده، وقد أبعد من ذهب إلى أنه خطاب للذكر والأنثى من بني آدم، وأبعد أكثر منه من قال: إنه خطاب على حد * (ألقيا في جهنم) * (ق: 24) ويا شرطي أضربا عنقه، يعني أنه خطاب للواحد بصورة الاثنين والفاء لترتيب الإنكار، والتوبيخ على ما فصل من فنون النعماء وصنوف الآلاء الموجبة للإيمان والشكر حتما، والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن المالكية الكلية والتربية مع الإضافة إلى ضميرهم لتأكيد النكير وتشديد التوبيخ ومعنى تكذيبهم بشيء من آلائه تعالى كفرهم به إما بإنكار كونه منه عز وجل مع عدم الاعتراف بكونه نعمة في نفسه كتعليم القرآن وما يستند إليه من النعم الدينية، وإما بإنكار كونه منه تعالى مع الاعتراف بكونه نعمة في نفسه كالنعم الدنيوية الواصلة إليهم بإسناده إلى غيره سبحانه استقلالا، أو اشتراكا صريحا، أو دلالة فإنه إشراكهم لآلهتهم به تعالى في العبادة من دواعي إشراكهم لها به تعالى فيما يوجبها، والتعبير عن كفرهم المذكور بالتكذيب لما أن دلالة الآلاء المذكورة على وجوب الإيمان والشكر شهادة منها بذلك فكفرهم بها تكذيب لا محالة أي فإذا كان الأمر كما فصل * (فبأي) * فرد من أفراد نعم مالككما ومربيكما بتلك النعم * (تكذبان) * مع أن كلا منها ناطق بالحق شاهد بالصدق ويندب أن يقول سامع هذه الآية: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد، فقد أخرج البزار. وابن جرير. وابن المنذر. والدارقطني في الإفراد. وابن مردويه. والخطيب في تاريخه بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة * (الرحمن) * على أصحابه فسكتوا فقال: مالي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ما أتيت على قول الله تعالى: * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) * إلا قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد ".
وأخرج الترمذي وجماعة وصححه الحاكم عن جابر بن عبد الله نحوه، وقرىء * (فبأي) * بالتنوين في جميع السورة كأنه