إنه تعالى له صفات عدمية مثل * (لا شريك له) * (الأنعام: 163) وتسمى صفات الجلال لما أنها تؤدي بجل عن كذا جل عن كذا وصفات وجودية - كالحياة. والعلم - وتسمى صفات الإكرام، وفيه تأمل.
والظاهر أن * (ذو) * صفة للوجه، ويتضمن الوصف بما ذكر على ما ذكره البعض الإشارة إلى أن فناء * (من عليها) * لا يخل بشأنه عز وجل لأنه الغني المطلق، والإشارة إلى أنه تعالى بعد فنائهم يفيض على الثقلين من آثار كرمه ما يفيض وذلك يوم القيامة، ووصف الوجه بما وصف يبعد كونه عبارة عن العمل الصالح أو الجهة على ما سمعت آنفا وكأن من يقول بذلك يقول: * (ذو) * خبر مبتدأ محذوف هو ضمير راجع إلى الرب وهو في الأصل صفة له، ثم قطعت عن التبعية، ويؤده قراءة أبي. وعبد الله - ذي الجلال - بالياء على أنه صفة تابعة للرب، وذكر الراغب أن هذا الوصف قد خص به عز وجل ولم يستعمل في غيره، فهو من أجل أوصافه سبحانه، ويشهد له ما رواه الترمذي عن أنس. والإمام أحمد عن ربيعة بن عامر مرفوعا " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " أي الزموه وأثبتوا عليه وأكثروا من قوله والتلفظ به في دعائكم، وروى الترمذي. وأبو داود. والنسائي عن أنس " أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يصلي ثم دعا فقال: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، فقال صلى الله عليه وسلم: لأصحابه أتدرون بما دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى ".
* (فبأى ءالاء ربكما تكذبان) *.
* (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * مما يتضمنه ما ذكر فإن الفناء باب للبقاء، والحياة الأبدية، والإثابة بالنعمة السرمدية، وقال الطيبي: المراد من الآية السابقة ملزوم معناها لأنها كناية عن مجيء وقت الجزاء وهو من أجل النعم، ولذلك خص * (الجلال والإكرام) * بالذكر لأنهما يدلان على الإثابة والعقاب المراد منها تخويف العباد وتحذيرهم من ارتكاب ما يترتب عليه العقاب، والتحذير من مثل نعمة، فلذا رتبت عليها بالفاء قوله تعالى: * (فبأى آلاء) * الخ، وليس بذاك.
* (يسأله من فى السماوات والارض كل يوم هو فى شأن) *.
* (يسئله من في السماوات والأرض) * قاطبة ما يحتاجون إليه في ذواتهم حدوثا وبقاءا وفي سائر أحوالهم سؤالا مستمرا بلسان المقال أو بلسان الحال فإنهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل من استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الإلهية من العلاقة لم يشموا رائحة الوجود أصلا فهم في كل آن سائلون.
وأخرج عبد بن حميد. وابن المنذر عن أبي صالح * (يسأله من في السموات) * الرحمة، ومن في " الأرض " المغفرة والرزق، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج * (يسأله) * الملائكة عليهم السلام الرزق لأهل الأرض والمغفرة. وأهل الأرض يسألونهما جميعا وما تقدم أولى. ولا دليل على التخصيص.
والظاهر أن الجملة استئناف. وقيل: هي حال من - الوجه - والعامل فيها * (يبقى) * أي هو سبحانه دائم في هذه الحال، ولا يخفى حاله على ذي تمييز * (كل يوم) * كل وقت من الأوقات ولحظة من اللحظات.
* (هو في شان) * من الشؤون التي من جملتها إعطاء ما سألوا فإنه تعالى لا يزال ينشىء أشخاصا، ويفنى آخرين ويأتي بأحوال ويذهب بأحوال حسبما تقتضيه مشيئته عز وجل المبنية على الحكم البالغة، وأخرج البخاري في " تاريخه ". وابن ماجه. وابن حبان. وجماعة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية: " من شأنه أن