فجيء ب * (تقتلون) * تفسيرا له، ويحتمل أن تجعل مفسرة لها من غير تقدير سؤال، وذهب ابن كيسان وغيره إلى أن * (أنتم) * مبتدأ و * (تقتلون) * الخبر و * (هؤلاء) * تخصيص للمخاطبين لما نبهوا على الحال التي هم عليها مقيمون فيكون إذ ذاك منصوبا بأعنى وفيه أن النحاة نصوا على أن التخصيص لا يكون بأسماء الإشارة ولا بالنكرة والمستقر من لسان العرب أنه يكون يأيتها كاللهم اغفر لنا أيتها العصابة وبالمعرف - باللام - كنحن العرب أقرى الناس للضيف - أو الإضافة كنحن معاشر الأنبياء لا نورث - وقد يكون بالعلم - كبنا تميما نكشف الضبابا.
وأكثر ما يأتي بعد ضمير متكلم - وقد يجيء بعد ضمير المخاطب - كبك الله نرجو الفضل، وقيل: (هؤلاء) تأكيد لغوي (لأنتم) فهو إما بدل منه أو عطف بيان عليه وجعله من التأكيد اللفظي بالمرادف توهم، والكلام على هذا خال عن تلك النكتة، وقيل: هؤلاء بمعنى الذين والجملة صلته والمجموع هو الخبر، وهذا مبني على مذهب الكوفيين حيث جوزوا كون جميع أسماء الإشارة موصولة سواء كانت بعد (ما) أولا والبصريون يخصونه إذا وقعت بعد (ما) الاستفهامية - وهو المصحح - على أن الكلام يصير حينئذ من قبيل: أنا الذي سمتني أمي حيدرة وهو ضعيف - كما قاله الشهاب - وقرأ الحسن * (تقتلون) * على التكثير وفي " تفسير المهدوي " أنها قراءة أبي نهيك * (وتخرجون فريقا منكم من ديارهم) * عطف على ما قبله وضمير ديارهم للفريق وإيثار الغيبة مع جواز دياركم كما في الأول للاحتراز عن توهم كون المراد إخراجهم من ديار المخاطبين من حيث ديارهم لا ديار المخرجين * (تاظهرون عليهم بالاثم والعدون) * حال من فاعل * (تخرجون) * أو من مفعوله قيل: أو من كليهما لأنه لاشتماله على ضميرهما يبين هيئتهما، والمعنى على الأول تخرجون متظاهرين عليهم وعلى الثاني تخرجون فريقا متظاهرا عليهم، وعلى الثالث تخرجون واقعا التظاهر منهم عليهم و - التظاهر - التعاون وأصله من - الظهر - كأن المتعاونين يسند كل واحد منهما ظهره إلى صاحبه و (الاثم) الفعل الذي يستحق عليه صاحبه الذم واللوم، وقيل: ما تنفر منه النفس ولا يطمئن إليه القلب، وفي الحديث: " الاثم ما حاك في صدرك " وهو متعلق بتظاهرون حال من فاعله أي متلبسين بالإثم، وكونه هنا مجازا عما يوجبه من إطلاق المسبب على سببه كما سميت الخمر إثما في قوله: شربت (الاثم) حتى ضل عقلي * كذال (الاثم) تذهب بالعقول مما لا يدعو إليه داع، والعدوان تجاوز الحد في الظلم، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي * (تظاهرون) * بتخفيف الظاء وأصله - بتاءين - حذفت ثانيتهما عند أبي حيان وأولاهما عند هاشم وقرأ باقي السبعة بالتشديد على ادغام - التاء في الظاء - وأبو حيوة * (تظاهرون) * - بضم التاء وكسر الهاء - ومجاهد وقتادة باختلاف عنهما * (تظهرون) * - بفتح التاء والظاء والهاء مشددتين دون ألف - ورويت عن أبي عمرو أيضا وبعضهم تتظاهرون على الأصل.
* (وإن يأتوكم أسرى تفادوهم) * أي تخرجوهم من الأسر باعطاء الفداء، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وابن عامر (تفدوهم) وعليه حمل بعض قراءة الباقين إذ لا مفاعلة، وفرق جمع بين فادى وفدى بأن معنى الأول: بادل أسيرا بأسير والثاني: جمع الفداء ويعكر عليه قول العباس رضي الله تعالى عنه فاديت نفسي وفاديت عقيلا إذ من المعلوم إنه ما بادل أسيرا بأسير، وقيل: (تفادوهم) بالعنف و (تفدوهم) بالصلح؛ وقيل: (تفادوهم) تطلبوا الفدية من الأسير الذي في أيديكم من أعدائكم ومنه قوله:
قفي فادي أسيرك إن قومي * وقومك لا أرى لهم احتفالا