تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٤٠١
والكلام على حذف مضاف - أي كتم من عباد الله شهادة عنده - ومعناه أنه تعالى ذمهم على منع أن يوصلوا إلى عباد الله تعالى، ويؤدوا إليهم شهادة الحق، ولا يخفى ما في هذين الوجهين من التكلف والتعسف وانحطاط المعنى فلينزه كتاب الله تعالى العظيم عنه، على أنك لو نظرت بعين الانصاف رأيت الوجه الثاني من الأولين لا يخلو عن بعد لأن الآية إنما تقدمها الإنكار لما نسب إلى إبراهيم عليه السلام، ومن ذكر معه فالذي يليق أن يكون الكلام مع أهل الكتاب لا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه لأنهم مقرون بما أخبر الله تعالى به وعالمون بذلك فلا يفرض في حقهم كتمانه والتذييل الذي ادعى فيه خلاف الظاهر أيضا.
* (وما الله بغ‍افل عما تعملون) * وعيد وتهديد لأهل الكتاب أي إن الله تعالى لا يترك أمركم سدى بل هو محصل لأعمالكم محيط بجميع ما تأتون وتذرون فيعاقبكم بذلك أشد عقاب، ويدخل في ذلك كتمانهم لشهادته تعالى وافتراؤهم على أنبيائه عليهم السلام، وقرىء - (عما يعملون) - بصيغة الغيبة فالضمير إما لمن كتم باعتبار المعنى أو لأهل الكتاب.
* (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تس‍الون عما كانوا يعملون) * تكرير لما تقدم للمبالغة في التحذير عما استحكم في الطباع من الافتخار بالآباء والاتكال عليهم كما يقال: اتق الله اتق الله، أو تأكيد وتقرير للوعيد يعني أن الله تعالى يجازيكم على أعمالكم ولا تنفعكم آباؤكم ولا تسألون يوم القيامة عن أعمالهم بل عن أعمال أنفسكم، وقيل: الخطاب فيما سبق لأهل الكتاب، وفي هذه الآية لنا تحذيرا عن الاقتداء بهم، وقيل: المراد بالأمة في الأول: الأنبياء وفي الثاني أسلاف اليهود لأن القوم لما قالوا في إبراهيم وبنيه إنهم كانوا ما كانوا - فكأنهم قالوا - إنهم على مثل طريقة أسلافنا فصار سلفهم في حكم المذكورين فجاز أن يعنوا بالآية، ولا يخفى ما في ذلك من التعسف الظاهر.
* (سيقول السفهآء من الناس ما ول‍اهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشآء إلى صراط مستقيم) *
(٤٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401