تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٣٣
سورة فاتحة الكتاب اختلف فيها، فالأكثرون على أنها مكية بل من أوائل ما نزل من القرآن على قول وهو المروي عن علي وابن عباس وقتادة وأكثر الصحابة وعن مجاهد أنها مدنية وقد تفرد بذلك حتى عد هفوة منه، وقيل نزلت بمكة حين فرضت الصلاة وبالمدينة لما حولت القبلة ليعلم أنها في الصلاة كما كانت وقيل بعضها مكي وبعضها مدني ولا يخفى ضعفه، وقد لهج الناس بالاستدلال على مكيتها بآية الحجر (87) * (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) * وهي مكية لنص العلماء والرواية عن ابن عباس ولها حكم مرفوع لا لأن ما قبلها وما بعدها في حق أهل مكة كما قيل لأنه مبني على أن المكي ما كان في حق أهل مكة والمشهور خلافه، والأقوى الاستدلال بالنقل عن الصحابة الذين شاهدوا الوحي والتنزيل لأن ذلك موقوف أولا على تفسير السبع المثاني بالفاتحة وهو وإن كان صحيحا ثابتا في الأحاديث إلا أنه قد صح أيضا عن ابن عباس وغيره تفسيرها بالسبع الطوال، وثانيا على امتناع الامتنان بالشيء قبل إيتائه مع أن الله تعالى قد امتن عليه صلى الله عليه وسلم بأمور قبل إيتائه إياها كقوله تعالى: * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * (الفتح: 1) فهو قبل الفتح بسنين والتعبير بالماضي تحقيق للوقوع وهذا وإن كان خلاف الظاهر لا سيما مع إيراد اللام وكلمة (قد) ووروده في معرض المنة والغالب فيها سبق الوقوع وعطف: * (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به) * (طه: 131) الآية إلا أنه قد خدش الدليل، لا يقال إن هذا وذلك لا يدلان إلا على أنها نزلت بمكة، وأما على نفي نزولها بالمدينة
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»