تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٨٧
عليه السلام ولعل إيثاره عليه السلام لتلك الولاية خاصة إنما كان للقيام بما هو أهم أمور السلطنة إذ ذاك من تدبير أمر السنين حسبما فصل في التأويل لكونه من فروع تلك الولاية لمجرد عموم الفائدة وجموم العائدة كما قيل وإنما لم يذكر إجابة الملك إلى ما سأله عليه السلام من جعله على خزائن الأرض إيذانا بأن ذلك أمر لا مرد له غني عن التصريح به لا سيما بعد تقديم ما يندرج تحته من أحكام السلطنة بحذافيرها من قوله إنك اليوم لدينا مكين أمين وللتنبيه على أن كل ذلك من الله عز وجل وإنما الملك آلة في ذلك قيل «وكذلك» أي مثل ذلك التمكين البليغ «مكنا ليوسف» أي جعلنا له مكانا «في الأرض» أي أرض مصر روى أنها كانت أربعين فرسخا في أربعين وفي التعبير عن الجعل المذكور بالتمكين في الأرض مسندا إلى ضميره عز سلطانه من تشريفه عليه السلام والمبالغة في كمال ولايته والإشارة إلى حصول ذلك من أول الأمر لا أنه حصل بعد السؤال ما لا يخفى «يتبوأ منها» ينزل من بلادها «حيث يشاء» ويتخذه مباءة وهو عبارة عن كمال قدرته على التصرف فيها ودخولها تحت ملكته وسلطانه فكأنها منزله يتصرف فيها كما يتصرف الرجل في منزله وقرأ ابن كثير بالنون روى أن الملك توجه وختمه بخاتمه ورداه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت فقال عليه السلام أما السرير فأشد به ملكك وأما الخاتم فأدبر به أمرك وأما التاج فليس من لباسي ولا لباس آبائي فقال قد وضعته إجلالا لك وإقرارا بفضلك فجلس على السرير ودانت له الملوك وفوض إليه الملك أمره وأقام العدل بمصر وأحبته الرجال والنساء وباع من أهل مصر في سنى القحط الطعام في السنة الأولى بالدنانير والدراهم وفي الثانية بالحلى والجواهر وفي الثالثة بالدواب ثم بالضياع والعقار ثم برقابهم حتى استرقهم جميعا فقالوا ما رأينا كاليوم ملكا أجل وأعظم منه ثم أعتقهم ورد إليهم أموالهم وكان لا يبيع من أحد من الممتارين أكثر من حمل بعير تقسيطا بين الناس «نصيب برحمتنا» بعطائنا في الدنيا من الملك والغنى وغيرهما من النعم «من نشاء» بمقتضى الحكمة الداعية إلى المشيئة «ولا نضيع أجر المحسنين» بل نوفيه بكماله وفيه إشعار بأن مدار المشيئة المذكورة إحسان من تصيبه الرحمة المرقومة وأنها أجر له ولدفع توهم انحصار ثمرات الإحسان فيما ذكر من الأجر العاجل قيل على سبيل التوكيد «ولأجر الآخرة» أي أجرهم في الآخرة فالإضافة للملابسة وهو النعيم المقيم الذي لا نفاد له «خير» لهم أي للمحسنين المذكورين وإنما وضع موضعه الموصول فقيل «للذين آمنوا وكانوا يتقون» تنبيها على أن المراد بالإحسان إنما هو الإيمان والثبات على التقوى المستفاد من جمع صيغتي الماضي والمستقبل «وجاء
(٢٨٧)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، اللبس (1)، البيع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308