وإما مبتدأ ثان وأولياء بعض خبره والجملة خبر للمبتدأ الأول أي بعضهم أولياء بعض في الميراث وقد كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الأقارب حتى نسخ بقوله تعالى وأولو الأرحام الآية وقيل في النصرة والمظاهرة ويرده قوله تعالى فعليكم النصر بعد نفي موالاتهم «والذين آمنوا ولم يهاجروا» كسائر المؤمنين «ما لكم من ولايتهم من شيء» أي من توليهم في الميراث وإن كانوا من أقرب أقاربكم «حتى يهاجروا» وقرئ بكسر الواو تشبيها بالعمل والصناعة كالكتابة والإمارة «وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر» فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين «إلا على قوم» منهم «بينكم وبينهم ميثاق» معاهدة فإنه لا يجوز نقض عهدهم بنصرهم عليهم «والله بما تعملون بصير» فلا تخالفوا أمره كيلا يحل بكم عقابه «والذين كفروا بعضهم أولياء بعض» آخر منهم في الميراث أو في الموازرة وهذا بمفهومه مفيد لنفي الموارثة والموازرة بينهم وبين المسلمين وإيجاب المباعدة والمصارمة وإن كانوا أقارب «إلا تفعلوه» أي ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولى بعضكم بعضا حتى التوراث ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار «تكن فتنة في الأرض» أي تحصل فتنة عظيمة فيها وهي ضعف الإيمان وظهور الكفر «وفساد كبير» في الدارين وقرئ كثير «والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا» كلام مسوق للثناء عليهم والشهادة لهم بفوزهم بالقدح المعلى من الإيمان مع الوعد الكريم بقوله تعالى «لهم مغفرة ورزق كريم» لا تبعة له ولا منة فيه فلا تكرار لما أن مساق الأول لإيجاب التواصل بينهم «والذين آمنوا من بعد وهاجروا» بعد هجرتكم «وجاهدوا معكم» في بعض مغازيكم «فأولئك منكم» أي من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار وهم الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ألحقهم الله تعالى بالسابقين وجعلهم منهم تفضلا منه وترغيبا في الإيمان والهجرة وفي توجيه الخطاب إليهم بطريق الالتفات من تشريفهم ورفع محلهم ما لا يخفى «وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض» آخر منهم في التوارث من الأجانب «في كتاب الله» أي في حكمه أو في اللوح أو في القرآن واستدل به على توريث ذوي الأرحام «أن الله بكل شيء عليم» ومن جملته ما في تعليق التوارث بالقرابة الدينية أولا وبالقرابة النسبية آخرا من الحكم البالغة عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الأنفال وبراءة فأنا شفيع له يوم القيامة وشاهد أنه برئ من
(٣٨)