ما يأتي وما يذر «وعلى أمم» ناشئة «ممن معك» إلى يوم القيامة متشعبة منهم فمن ابتدائية والمراد الأمم المؤمنة المتناسلة ممن معه إلى يوم القيامة «وأمم سنمتعهم» أي ومنهم على أنه خبر حذف لدلالة ما سبق عليه فإن إيراد الأمم المبارك عليهم المتشعبة منهم نكرة يدل على أن بعض من يتشعب منهم ليسوا على صفتهم يعنى ليس جميع من تشعب منهم مسلما ومباركا عليه بل منهم أمم ممتعون في الدينا معذبون في الآخرة وعلى هذا لا يكون الكائنون مع نوح عليه السلام مسلما ومباركا عليهم صريحا وإنما يفهم ذلك من كونهم مع نوح عليه الصلاة والسلام ومن كون ذرياتهم كذلك بدلالة النص ويجوز أن تكون من بيانية أي وعلى أمم هم الذين معك وإنما سموا أمما لأنهم أمم متحزبة وجماعات متفرقة أو لأن جميع الأمم إنما تشعبت منهم فحينئذ يكون المراد بالأمم المشار إليهم في قوله تعالى وأمم سنمتعهم بعض الأمم المتشعبة منهم وهي الأمم الكافرة المتناسلة منهم إلى يوم القيامة ويبقى أمر الأمم المؤمنة الناشئة منهم مبهما غير متعرض له ولا مدلول عليه مع ذلك ففي دلالة المذكور على خبره المحذوف خفاء لأن من المذكورة بيانية والمحذوفة تبعيضية أو ابتدائية فتأمل «ثم يمسهم» إما في الآخرة أو في الدنيا أيضا «منا عذاب أليم» عن محمد بن كعب القرظي دخل في ذلك السلام كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة وفيما بعده من المتاع والعذاب كل كافر وعن ابن زيد هبطوا والله عنهم راض ثم أخرج منهم نسلا منهم من رحم ومنهم من عذب وقيل المراد بالأمم الممتعة قوم هود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام وبالعذاب ما نزل بهم «تلك» إشارة إلى ما قص من قصة نوح عليه الصلاة والسلام إما لكونها بتقضيها في حكم البعيد أو الدلالة على بعد منزلتها وهي مبتدأ خبره «من أنباء الغيب» أي من جنسها أي ليست من قبيل سائر الأنباء بل هي نسيج وحدها منفردة عما عداها أو بعضها «نوحيها إليك» خبر ثان والضمير لها أي موحاة إليك أو هو الخبر ومن أنباء متعلق به فالتعبير بصيغة المضارع لاستحضار الصورة أو حال من أنباء الغيب أي موحاة إليك «ما كنت تعلمها أنت ولا قومك» خبر آخر أي مجهولة عندك وعند قومك «من قبل هذا» أي من قبل إيحائنا إليك وإخبارك بها أو من قبل هذا العلم الذي كسبته بالوحي أو من قبل هذا الوقت أو حال من الهاء في نوحيها أو الكاف إليك أي جاهلا أنت وقومك بها وفي ذكر جهلهم تنبيه على أنه عليه الصلاة والسلام لم يتعلمه إذ لم يخالط غيرهم وأنهم مع كثرتهم لما لم يعلموه فكيف بواحد منهم «فاصبر» متفرع على الإيحاء أو العلم المستفاد منه المدلول عليه بقوله ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا أي وإذ قد أوحيناها إليك أو علمتها بذلك فاصبر على مشاق تبليغ الرسالة وأذية قومك كما صبر نوح على ما سمعته من أنواع البلايا في هذه المدة المتطاولة وهذا ناظر إلى ما سبق من قوله تعالى فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك الخ «إن العاقبة» بالظفر في الدنيا وبالفوز في الآخرة «للمتقين» كما شاهدته في نوح عليه الصلاة والسلام وقومه ولك فيه أسوة حسنة فهي
(٢١٥)