تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
لما سلف منكم من الذنوب بالإيمان والطاعة «ثم توبوا إليه» أي توسلوا إليه بالتوبة وأيضا التبرؤ من الغير إنما يكون بعد الإيمان بالله تعالى والرغبة فيما عنده «يرسل السماء» أي المطر «عليكم مدرارا» أي كثير الدرور «ويزدكم قوة» مضافة ومنضمة «إلى قوتكم» أي يضاعفها لكم وإنما رغبهم بكثرة المطر لأنهم كانوا أصحاب زروع وعمارات وقيل حبس الله تعالى عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم ثلاث سنين فوعدهم عليه الصلاة والسلام كثرة الأمطار وتضاعف القوة بالتناسل على الإيمان والتوبة «ولا تتولوا» أي لا تعرضوا عما دعوتكم إليه «مجرمين» مصرين على ما كنتم عليه من الإجرام «قالوا يا هود ما جئتنا ببينة» أي بحجة تدل على صحة دعواك وإنما قالوه لفرط عنادهم وعدم اعتدادهم بما جاءهم من البينات الفائتة للحصر «وما نحن بتاركي آلهتنا» أي بتاركي عبادتها «عن قولك» أي صادرين عنه أي صادرا تركنا عن ذلك بإسناد حال الوصف إلى الموصوف ومعناه التعليل على أبلغ وجه لدلالته على كونه علة فاعلية ولا يفيده الباء واللام وهذا كقولهم المنقول عنهم في سورة الأعراف أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا «وما نحن لك بمؤمنين» أي بمصدقين في شيء مما تأتي وتذر فيندرج تحته ما دعاهم إليه من التوحيد وترك عبادة الآلهة وفيه من الدلالة على شدة الشكيمة وتجاوز الحد في العتو ما لا يخفى «إن نقول إلا اعتراك» أي ما نقول إلا قولنا اعتراك أي أصابك «بعض آلهتنا بسوء» بجنون لسبك إياها وصدك عن عبادتها وحطك لها عن رتبة الألوهية والمعبودية بما مر من قولك ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون والتنكير في سوء للتقليل كأنهم لم يبالغوا في السوء كما ينبئ عنه نسبة ذلك إلى بعض آلهتهم دون كلها والجملة مقول القول وإلا لغو لأن الاستثناء مفرغ وهذا الكلام مقرر لما مر من قولهم وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين فإن اعتقادهم بكونه عليه الصلاة والسلام كما قالوا وحاشاه عن ذلك يوجب عدم الاعتداد بقوله وعده من قبيل الخرافات فضلا عن التصديق والعمل بمقتضاه يعنون أنا لا نعد كلامك إلا من قبيل ما لا يحتمل الصدق والكذب من الهذيانات الصادرة عن المجانين فكيف نصدقه ونؤمن به ونعمل بموجبه ولقد سلكوا في طريقة المخالفة والعناد إلى سبيل الترقي من الأدنى إلى الأعلى حيث أخبروا أولا عن عدم مجيئه بالبينة مع احتمال كون ما جاء به عليه الصلاة والسلام حجة في نفسه وإن لم تكن واضحة الدلالة على المراد وثانيا عن ترك الامتثال بقوله عليه الصلاة والسلام بقولهم وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك مع إمكان تحقق ذلك بتصديقهم له عليه الصلاة والسلام في كلامه ثم نفوا تصديقهم له عليه الصلاة والسلام بقولهم وما نحن لك بمؤمنين مع كون كلامه عليه الصلاة والسلام مما يقبل التصديق ثم نفوا عنه تلك المرتبة أيضا حيث قالوا ما قالوا قاتلهم الله أنى يؤفكون «قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308