تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٠٠
«ألا تعبدوا إلا الله» أي بأن لا تعبدوا على أن أن مصدرية والباء متعلقة بأرسلنا ولا ناهية أي أرسلناه متلبسا بنهيهم عن الشرك إلا أنه وسط بينهما بيان بعض أوصافه وأحواله صلى الله عليه وسلم وهو كونه نذيرا مبينا ليكون أدخل في القبول ولم يفعل ذلك في صدر السورة لئلا يفرق بين الكتاب ومضمونه بما ليس من أوصافه وأحواله أو مفسرة متعلقة به أو بنذير أو مفعول لمبين وعلى قراءة الفتح بدل من أني لكم نذير مبين وتعيين لما يوجب وقوع المحذور وتبيين لوجه الخلاص وهو عبادة الله تعالى وقوله تعالى «إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم» تعليل لموجب النهي وتصريح بالمحذور وتحقيق للإنذار والمراد به يوم القيامة أو يوم الطوفان ووصفه بالأليم على الإسناد المجازي للمبالغة كما في نهاره صائم وهذه المقالة وما في معناها مما قاله صلى الله عليه وسلم في أثناء الدعوة على ما عزى إليه في سائر السور لما لم تصدر عنه صلى الله عليه وسلم مرة واحدة بل كان يكررها عليهم في تلك المدة المتطاولة على ما نطق به قوله تعالى رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا الآيات عطف على فعل الإرسال المقارن لها أو القول المقدر بعده جوابهم المتعرض لأحوال المؤمنين الذين اتبعوه صلى الله عليه وسلم بعد اللتيا والتي بالفاء التعقيبية فقيل «فقال الملأ الذين كفروا من قومه» أي الإشراف منهم من قولهم فلان مليء بكذا أي مطيق له لأنهم ملئوا بكفايات الأمور أو لأنهم ملئوا القلوب هيبة والمجالس أبهة أر لأنهم ملئوا بالأحلام والآراء الصائبة ووصفهم بالكفر لذمهم والتسجيل عليهم بذلك من أول الأمر لا لأن بعض أشرافهم ليسوا بكفره «ما نراك إلا بشرا مثلنا» مرادهم ما أنت إلا بشرا مثلنا ليس فيك مزية تخصك من دوننا بما تدعيه من النبوة ولو كان كذلك لرأيناه لا أن ذلك محتمل ولكن لا نراه وكذا الحال في قولهم «وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي» فالفعلان من رؤية العين وقوله تعالى إلا بشرا مثلنا حال من المفعول وكذا قوله اتبعك في موضع الحال منه إما على حاله أو بتقدير قد عند من يشترط ذلك ويجوز أن يكون من رؤية القلب وهو الظاهر فهما المفعول الثاني وتعلق الرأي في الأول بالمثلية لا بالبشرية فقط وإنما لم يبتوا القول بذلك مع جزمهم به وإصرارهم عليه إراءة بأن ذلك لم يصدر عنهم جزافا بل بعد التأمل في الأمر والتدبر فيه ولذلك اقتصروا على ذلك الظن فيما سيأتي وتعريضا من أول الأمر برأي المتبين فكأن قولهم وما نراك جواب عما يرد عليهم من أنه صلى الله عليه وسلم ليس مثلهم حيث عاين دلائل نبوته واغتنم اتباعه من له عين تبصر وقلب يدرك فزعموا أن هؤلاء أراذلنا أي أخساؤنا وأدانينا جمع أرذل فإنه صار بالغلبة جاريا مجرى الاسم كالأكبر والأكابر أو جمع أرذل جمع رذل كأكالب وأكلب وكلب يعنون أنه لا عبرة باتباعهم لك إذ ليس لهم رزانة عقل ولا إصالة رأى وقد كان ذلك منهم في بادي الرأي أي ظاهره من غير تعمق من البدو أو في أوله من البدء والياء مبدلة من الهمزة لانكسار ما قبلها وقد
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308