تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٠٢
عليه وبخفائها على الكفرة على أن الضمير للبينة عدم إدراكهم لكونه صلى الله عليه وسلم عليها وبالرحمة النبوة التي أنكروا اختصاصه صلى الله عليه وسلم بها بين ظهرانيهم والمعنى أنكم زعمتم أن عهد النبوة لا يناله إلا من له فضيلة على سائر الناس مستتبعة لاختصاصه به دونهم أخبروني إن امتزت عنكم بزيادة مزية وحيازة فضيلة من ربي وآتاني بحسبها نبوة من عنده فخفيت عليكم تلك البينة ولم تصيبوها ولم تنالوها ولم تعلموا حيازتي لها وكوني عليها إلى الآن حتى زعمتم إني مثلكم وهي متحققة في نفسها أنلزمكم قبول نبوتي التابعة لها والحال أنكم كارهون لذلك فيكون الاستفهام للحمل على الإقرار وهو الأنسب بمقام المحاجة وحينئذ يكون كلامه صلى الله عليه وسلم جوابا عن شبههم التي أدرجوها في خلال مقالهم من كونه صلى الله عليه وسلم بشرا قصارى أمره أن يكون مثلهم من غير فضل له عليهم وقطعا لشأفة آرائهم الركيكة «ويا قوم لا أسألكم عليه» أي على ما قلته في أثناء دعوتكم «ما لا» تؤدونه إلى بعد إيمانكم واتباعكم لي فيكون ذلك أجرا لي في مقابلة اهتدائكم «إن أجري إلا على الله» الذي يثيبني في الآخرة وفي التعبير عنه حين نسب إليهم بالمال ما لا يخفى من المزية «وما أنا بطارد الذين آمنوا» جواب عما لوحوا به بقولهم وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا من أنه لو اتبعه الأشراف لوافقوهم وأن اتباع الفقراء مانع لهم عن ذلك كما صرحوا به في قولهم أنؤمن لك واتبعك الأرذلون فكان ذلك التماسا منهم لطردهم وتعليقا لإيمانهم به صلى الله عليه وسلم بذلك أنفه من الإنتظام معهم في سلك واحد «إنهم ملاقوا ربهم» تعليل لامتناعه صلى الله عليه وسلم عن طردهم أي إنهم فائزون في الآخرة بلقاء الله عز وجل كأنه قيل لا أطردهم ولا أبعدهم عن مجلسي لأنهم مقربون في حضرة القدس والتعرض لوصف الربوبية لتربية وجوب رعايتهم وتحتم الامتناع عن طردهم أو مصدقون في الدنيا بلقاء ربهم موقنون به عالمون أنهم ملاقوه لا محالة فكيف أطردهم وحمله على معنى أنهم يلاقونه فيجازيهم على ما في قلوبهم من إيمان صحيح ثابت كما ظهر لي أو على خلاف ذلك مما تعرفونهم به من بناء إيمانهم على بادي الرأي من غير نظر وتفكر وما علي أن أشق عن قلوبهم وأتعرف سر ذلك منهم حتى أطردهم إن كان الأمر كما تزعمون يأباه الجزم بترتب غضب الله عز وجل على طردهم كما سيأتي وأيضا فهم إنما قالوا إن اتباعهم لك إنما هو بحسب بادي الرأي بلا تأمل وتفكر وهذا لا يكاد يصلح مدارا للطرد في الدنيا ولا للمؤاخذة في الآخرة غايته أن لا يكونوا في مرتبه الموقنين وادعاء أن بناء الإيمان على ظاهر الرأي يؤدي إلى الرجوع عنه عند التأمل فكأنهم قالوا إنهم اتبعوك بلا تأمل فلا يثبتون على دينك بل يرتدون عنه تعسف لا يخفى «ولكني أراكم قوما تجهلون» بكل ما ينبغي أن يعلم ويدخل فيه جهلهم بلقاء الله عز وجل وبمنزلتهم عنده وباستيجاب طردهم لغضب الله كما سيأتي وبركاكة رأيهم في التماس ذلك وتوقيف إيمانهم عليه أنفه عن الإنتظام معهم في سلك واحد وزعما منهم أن الرذالة بالفقر والشرف بالغني وإيثار صيغة الفعل للدلالة
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308