الله سميع» أي لدعائهم واستغاثتهم «عليم» أي بنياتهم وأحوالهم الداعية إلى الإجابة تعليل للحكم «ذلكم» إشارة إلى البلاء الحسن ومحله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وقوله تعالى «وأن الله موهن كيد الكافرين» بالإضافة معطوف عليه أي المقصد إبلاء المؤمنين وتوهين كيد الكافرين وإبطال حيلهم وقيل المشار إليه القتل والرمي والمبتدأ الأمر أي الأمر ذلكم أي القتل فيكون قوله تعالى وأن الله الآية من قبيل عطف البيان وقريء موهن بالتنوين مخففا ومشددا ونصب كيد الكافرين «إن تستفتحوا» خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم بهم وذلك أنهم حين أرادوا الخروج تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا اللهم انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين أي إن تستنصروا لأعلى الجندين «فقد جاءكم الفتح» حيث نصر أعلاهما وقد زعمتم أنكم الأعلى فالتهكم في المجيء أو فقد جاءكم الهزيمة والقهر فالتهكم في نفس الفتح حيث وضع موضع ما يقابله «وإن تنتهوا» عما كنتم عليه من الحراب ومعاداة الرسول صلى الله عليه وسلم «فهو» أي الانتهاء «خير لكم» أي من الحراب الذي ذقتم غائلته لما فيه من السلامة من القتل والأسر ومبنى اعتبار أصل الخيرية في المفضل عليه هو التهكم «وإن تعودوا» إي إلى حرابه صلى الله عليه وسلم «نعد» لما شاهدتموه من الفتح «ولن تغني» بالتاء الفوقانية وقرى بالياء التحتانية لأن تأنيث الفئة غير حقيقي وللفصل أي لن تدفع أبدا «عنكم فئتكم» جماعتكم التي تجمعونهم وتستعينون بهم «شيئا» أي من الإغناء أو من المضار وقوله تعالى «ولو كثرت» جملة حالية وقد مر التحقيق «وأن الله مع المؤمنين» أي ولأن الله معين المؤمنين كان ذلك أو والأمر أن الله مع المؤمنين ويقرب منه بحسب المعنى قراءة الكسر على الاستئناف وقيل الخطاب للمؤمنين والمعنى إن تستنصروا فقد جاءكم النصر وإن تنتهوا عن التكاسل والرغبة عما يرغب فيه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو خير لكم من كل شيء لما أنه مناط لنيل سعادة الدارين وإن تعودوا إليه نعد عليكم بالإنكار وتهييج العدو ولن تغنى حينئذ كثرتكم إذا لم يكن الله معكم بالنصر والأمر أن الله مع الكاملين في الإيمان «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا» بطرح إحدى التاءين وقريء بإدغامها «عنه» أي لا تتولوا عن الرسول فإن المراد هو الأمر بطاعته والنهي عن الإعراض عنه وذكر طاعته تعالى للتمهيد والتنبيه على أن طاعته تعالى في طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم من يطع الرسول فقد أطاع الله وقيل الضمير للجهاد وقيل للأمر الذي دل عليه الطاعة وقوله تعالى «وأنتم تسمعون» جملة حالية واردة لتأكيد وجوب الانتهاء عن التولي مطلقا كما في قوله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون لا لتقييد النهي
(١٤)