تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٦١
عن المقاصد بالذات إلى وسائلها مما لا يساعده جلالة شأن التنزيل الكريم «لا تبديل لكلمات الله» لا تغيير لأقواله التي من جملتها مواعيده الواردة بشارة للمؤمنين المتقين فيدخل فيها البشارات الواردة ههنا دخولا أوليا ويثبت امتناع الإخلاف فيها ثبوتا قطعيا وعلى تقدير كون المراد بالبشرى الرؤيا الصالحة فالمراد بعدم تبديل كلماته تعالى ليس عدم الخلف بينها وبين نتائجها الدنيوية والأخروية بل عدم الخلف بينها وبين ما دل على ثبوتها ووقوعها فيما سيأتي بطريق الوعد من قوله تعالى لهم البشرى فتدبر ذلك إشارة إلى ما ذكر من أن لهم البشرى في الدارين «هو الفوز العظيم» الذي لا فوز وراءه وفيه تفسير لما أبهم فيما سبق وهاتيك الجملة والتي قبلها اعتراض لتحقيق المبشر به وتعظيم شأنه وليس من شرطه أن يكون بعده كلام متصل بما قبله أو هذه تذييل والسابقة اعتراض «ولا يحزنك قولهم» تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما كان يلقاه من جهتهم من الأذية الناشئة عن مقالاتهم الموحشة وتبشير له صلى الله عليه وسلم بأنه عز وجل ينصره ويعزه عليهم إثر بيان أن له ولأتباعه أمنا من كل محذور وفوزا بكل مطلوب وقرئ ولا يحزنك من أحزنه وهو في الحقيقة نهى له صلى الله عليه وسلم عن الحزن كأنه قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بتكذيبهم وتشاورهم في تدبير هلاكك وإبطال أمرك وسائر ما يتفوهون به في شأنك مما لا خير فيه وإنما وجه النهى إلى قولهم للمبالغة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الحزن لما أن النهي عن التأثر نهي عن التأثر بأصله ونفى له بالمرة وقد يوجه النهى إلى اللازم والمراد هو النهى عن الملزوم كما في قولك لا أرينك ههنا وتخصيص النهى عن الحزن بالإيراد مع شمول النفي السابق للحزن أيضا لما أنه لم يكن فيه صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات نوع حزن فسلى عن ذلك وقوله تعالى شائبة خوف حتى ينهى عنه وربما كان يعتريه صلى الله عليه وسلم «إن العزة» تعليل للنهي على طريقة الاستئناف أي الغلبة والقهر «لله جميعا» أي في ملكته وسلطانه لا يملك أحد شيئا منها أصلا لا هم ولا غيرهم فهو يقهرهم ويعصمك منهم وينصرك عليهم وقد كان كذلك فهي من جملة المبشرات العاجلة وقرئ بفتح أن على صريح التعليل أي لأن العزة لله «هو السميع العليم» يسمع ما يقولون في حقك ويعلم ما يعزمون عليه وهو مكافئهم بذلك «ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض» أي العقلاء من الملائكة والثقلين وتخصيصهم بالذكر للإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح بغيرهم فإنهم مع شرفهم وعلو طبقتهم إذا كانوا عبيدا له سبحانه مقهورين تحت قهره وملكته فما عداهم من الموجودات أولى بذلك وهو مع ما فيه من التأكيد لما سبق من اختصاص العزة بالله تعالى الموجب لسلوته صلى الله عليه وسلم وعدم مبالاته بالمشركين وبمقالاتهم تمهيد لما لحق من قوله تعالى «وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء» وبرهان على بطلان
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308