تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٦٣
أي تبناه «سبحانه» تنزيه وتقديس له عما نسبوا إليه وتعجيب من كلمتهم الحمقاء «هو الغني» على الإطلاق عن كل شئ في كل شئ وهو علة لتنزيهه سبحانه وإيذان بأن اتخاذ الولد من أحكام الحاجة وقوله عز وجل «له ما في السماوات وما في الأرض» أي من العقلاء وغيرهم تقرير لغناه وتحقيق لمالكيته تعالى لكل ما سواه وقوله تعالى «إن عندكم من سلطان» أي حجة «بهذا» أي بما ذكر من قولهم الباطل توضيح لبطلانه بتحقيق سلامة ما أقيم من البرهان الساطع عن المعارض فمن في قوله تعالى من سلطان زائدة لتأكيد النفي وهو مبتدأ والظرف المقدم خبره أو مرتفع على أنه فاعل للظرف لاعتماده على النفي وبهذا متعلق إما بسلطان لأنه بمعنى الحجة والبرهان وإما بمحذوف وقع صفة له وإما بما في عندكم من معنى الاستقرار كأنه قيل إن عندكم في هذا القول من سلطان والالتفات إلى الخطاب لمزيد المبالغة في الإلزام والإفحام وتأكيد ما في قوله تعالى «أتقولون على الله ما لا تعلمون» من التوبيخ والتقريع على جهلهم واختلافهم وفيه تنبيه على أن كل مقالة لا دليل عليها فهي جهالة وأن العقائد لا بد لها من برهان قطعي وأن التقليد بمعزل من الاعتداد به «قل» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبين لهم سوء مغبتهم ووخامة عاقبتهم «إن الذين يفترون على الله الكذب» أي في كل أمر فيدخل ما نحن بصدده من الافتراء بنسبة الولد والشريك إليه سبحانه دخولا أوليا «لا يفلحون» أي لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب أصلا وتخصيص عدم النجاة والفوز بما يندرج في ذلك من عدم النجاة من النار وعدم الفوز بالجنة لا يناسب مقام المبالغة في الزجر عن الافتراء عليه سبحانه «متاع في الدنيا» كلام مستأنف سيق لبيان أن ما يتراءى فيهم بحسب الظاهر من نيل المطالب والفوز بالحظوظ الدنيوية على الإطلاق أو في ضمن افترائهم بمعزل من أن يكون من جنس الفلاح كأنه قيل كيف لا يفلحون وهم في غبطة ونعيم فقيل هو متاع يسير في الدنيا وليس بفوز بالمطلوب ثم أشير إلى انتفاء النجاة عن المكروه أيضا بقوله عز وعلا «ثم إلينا مرجعهم» أي بالموت «ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون» فيبقون في الشقاء المؤبد بسبب كفرهم المستمر أو بكفرهم في الدنيا فأين هم من الفلاح وقيل المبتدأ المحذوف حياتهم أو تقلبهم وقد قيل إنه افتراؤهم ولا يخفى أن المتاع إنما يطلق على ما يكون مطبوعا عند النفس مرغوبا فيه في نفسه يتمتع وينتفع به وإنما عدم الاعتداد به لسرعة زواله ونفس الافتراء عليه سبحانه أقبح القبائح عند النفس فضلا عن أن يكون مطبوعا عندها وعده كذلك باعتبار إجراء حكم ما يؤدى إليه من رياستهم عليه مما لا وجه له فالوجه ما ذكر أولا وليس ببيعد ما قيل إن المحذوف هو الخبر أي لهم متاع والآية إما مسوقة من جهة الله تعالى لتحقيق عدم إفلاحهم غير داخلة في الكلام المأمور به كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى ثم إلينا وقوله تعالى ثم نذيقهم وإما داخلة فيه على أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بنقله وحكايته عنه عز وجل
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308