أي تبناه «سبحانه» تنزيه وتقديس له عما نسبوا إليه وتعجيب من كلمتهم الحمقاء «هو الغني» على الإطلاق عن كل شئ في كل شئ وهو علة لتنزيهه سبحانه وإيذان بأن اتخاذ الولد من أحكام الحاجة وقوله عز وجل «له ما في السماوات وما في الأرض» أي من العقلاء وغيرهم تقرير لغناه وتحقيق لمالكيته تعالى لكل ما سواه وقوله تعالى «إن عندكم من سلطان» أي حجة «بهذا» أي بما ذكر من قولهم الباطل توضيح لبطلانه بتحقيق سلامة ما أقيم من البرهان الساطع عن المعارض فمن في قوله تعالى من سلطان زائدة لتأكيد النفي وهو مبتدأ والظرف المقدم خبره أو مرتفع على أنه فاعل للظرف لاعتماده على النفي وبهذا متعلق إما بسلطان لأنه بمعنى الحجة والبرهان وإما بمحذوف وقع صفة له وإما بما في عندكم من معنى الاستقرار كأنه قيل إن عندكم في هذا القول من سلطان والالتفات إلى الخطاب لمزيد المبالغة في الإلزام والإفحام وتأكيد ما في قوله تعالى «أتقولون على الله ما لا تعلمون» من التوبيخ والتقريع على جهلهم واختلافهم وفيه تنبيه على أن كل مقالة لا دليل عليها فهي جهالة وأن العقائد لا بد لها من برهان قطعي وأن التقليد بمعزل من الاعتداد به «قل» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبين لهم سوء مغبتهم ووخامة عاقبتهم «إن الذين يفترون على الله الكذب» أي في كل أمر فيدخل ما نحن بصدده من الافتراء بنسبة الولد والشريك إليه سبحانه دخولا أوليا «لا يفلحون» أي لا ينجون من مكروه ولا يفوزون بمطلوب أصلا وتخصيص عدم النجاة والفوز بما يندرج في ذلك من عدم النجاة من النار وعدم الفوز بالجنة لا يناسب مقام المبالغة في الزجر عن الافتراء عليه سبحانه «متاع في الدنيا» كلام مستأنف سيق لبيان أن ما يتراءى فيهم بحسب الظاهر من نيل المطالب والفوز بالحظوظ الدنيوية على الإطلاق أو في ضمن افترائهم بمعزل من أن يكون من جنس الفلاح كأنه قيل كيف لا يفلحون وهم في غبطة ونعيم فقيل هو متاع يسير في الدنيا وليس بفوز بالمطلوب ثم أشير إلى انتفاء النجاة عن المكروه أيضا بقوله عز وعلا «ثم إلينا مرجعهم» أي بالموت «ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون» فيبقون في الشقاء المؤبد بسبب كفرهم المستمر أو بكفرهم في الدنيا فأين هم من الفلاح وقيل المبتدأ المحذوف حياتهم أو تقلبهم وقد قيل إنه افتراؤهم ولا يخفى أن المتاع إنما يطلق على ما يكون مطبوعا عند النفس مرغوبا فيه في نفسه يتمتع وينتفع به وإنما عدم الاعتداد به لسرعة زواله ونفس الافتراء عليه سبحانه أقبح القبائح عند النفس فضلا عن أن يكون مطبوعا عندها وعده كذلك باعتبار إجراء حكم ما يؤدى إليه من رياستهم عليه مما لا وجه له فالوجه ما ذكر أولا وليس ببيعد ما قيل إن المحذوف هو الخبر أي لهم متاع والآية إما مسوقة من جهة الله تعالى لتحقيق عدم إفلاحهم غير داخلة في الكلام المأمور به كما يقتضيه ظاهر قوله تعالى ثم إلينا وقوله تعالى ثم نذيقهم وإما داخلة فيه على أن النبي صلى الله عليه وسلم مأمور بنقله وحكايته عنه عز وجل
(١٦٣)