تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٥٦
«قل» تلوين للخطاب وتوجيه له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمر الناس بأن يغتنموا ما في القرآن العظيم من الفضل والرحمة «بفضل الله وبرحمته» المراد بهما إما ما في مجيء القرآن من الفضل والرحمة وإما الجنس وهما داخلان فيه دخولا أوليا والباء متعلقة بمحذوف وأصل الكلام ليفرحوا بفضل الله وبرحمته وتكرير الباء في رحمته للإيذان باستقلالها في استيجاب الفرح ثم قدم الجار والمجرور على الفعل لإفادة القصر ثم أدخل عليه الفاء لإفادة معنى السببية فصار بفضل الله وبرحمته فليفرحوا ثم قيل «فبذلك فليفرحوا» للتأكيد والتقرير ثم حذف الفعل الأول لدلالة الثاني عليه والفاء الأولى جزائية والثانية لدلالة على السببية والأصل إن فرحوا بشئ فبذلك ليفرحوا لا بشئ آخر ثم أدخل الفاء لدلالة على السببية ثم حذف الشرط ومعنى البعد في اسم الإشارة لدلالة على بعد درجة فضل الله تعالى ورحمته ويجوز أن يراد بفضل الله وبرحمته فليعتنوا فبذلك فليفرحوا ويجوز أن يتعلق الباء بجاءتكم أي جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبذلك أي فبمجيئها فليفرحوا وقرئ فلتفرحوا وقرأ أبى فافرحوا وعن ابن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قل بفضل الله وبرحمته فقال بكتاب الله والإسلام وقيل فضله الإسلام ورحمته ما وعد عليه «هو» أي ما ذكر من فضل الله ورحمته «خير مما يجمعون» من حطام الدنيا وقرئ تجمعون أي فبذلك فليفرح المؤمنون هو خير مما تجمعون أيها المخاطبون «قل أرأيتم» أي أخبروني «ما أنزل الله لكم من رزق» ما منصوبة المحل بما بعدها أو بما قبلها واللام للدلالة علي أن المراد بالرزق ما حل لهم وجعله منزلا لأنه مقدر في السماء محصل هو أو ما يتوقف عليه وجودا أو بقاء بأسباب سماوية من المطر والكواكب في الإنضاج والتلوين «فجعلتم منه» أي جعلتم بعضه «حراما» أي حكمتم بأنه حرام «وحلالا» أي وجعلتم بعضه حلالا أي حكمتم بحله مع كون كله حلالا وذلك قولهم هذه أنعام وحرث حجر الآية وقولهم ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا ونحو ذلك وتقديم الحرام لظهور أثر الجعل فيه ودوران التوبيخ عليه «قل» تكرير لتأكيد الأمر بالاستخبار أي أخبروني «آلله أذن لكم» في ذلك الجعل فأنتم فيه ممتثلون بأمره تعالى «أم على الله تفترون» أم متصلة والاستفهام للتقرير والتبكيت لتحقق العلم بالشق الأخير قطعا كأنه قيل أم لم يأذن لكم بل تفترون عليه سبحانه فأظهر الاسم الجليل وقدم على الفعل دلالة على كمال قبح افترائهم وتأكيدا للتبكيت إثر تأكيد مع مراعاة الفواصل ويجوز أن يكون الاستفهام للإنكار وأم منقطعة ومعنى بل فيها الإضراب والانتقال من التوبيخ والزجر بإنكار الإذن إلى ما تفيده همزتها من التوبيخ على الافتراء عليه سبحانه وتقريره وتقديم الجار والمجرور على هذا يجوز أن يكون للقصر كأنه قيل بل أعلى الله تعالى خاصة تفترون
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308