تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٥٢
والنفع المترتبين على الأكل والشرب عدما ووجودا تعسف ظاهر وقوله تعالى «لكل أمة أجل» بيان لما أبهم في الاستثناء وتقييد لما في القضاء السابق من الإطلاق المشعر بكون المقضى به أمرا منجزا غير متوقف على شئ غير مجىء الرسول وتكذيب الأمة أي لكل أمة أمة ممن قضى بينهم وبين رسولهم أجل معين خاص بهم لا يتعدى إلى أمة أخرى مضروب لعذابهم يحل بهم عند حلوله «إذا جاء أجلهم» إن جعل الأجل عبارة عن حد معين من الزمان فمعنى مجيئه ظاهر وإن أريد به ما امتد إليه من الزمان فمجيئه عبارة عن انقضائه إذ هناك يتحقق مجيئه بتمامه والضمير إن جعل للأمم المدلول عليها بكل أمة فإظهار الأجل مضافا إليه لإفادة المعنى المقصود الذي هو بلوغ كل أمة أجلها الخاص بها ومجيئه إياها بعينها من بين الأمم بواسطة اكتساب الأجل بالإضافة عموما يفيده معنى الجمعية كأنه قيل إذا جاءهم آجالهم بأن يجيء كل واحدة من تلك الأمم أجلها الخاص بها وإن جعل لكل أمة خاصة كما هو الظاهر فالإظهار في موقع الإضمار لزيادة التقرير والإضافة إلى الضمير لإفادة كمال التعيين أي إذا جاءها أجلها الخاص بها «فلا يستأخرون» عن ذلك الأجل «ساعة» أي شيئا قليلا من الزمان فإنها مثل في غاية القلة منه أي لا يتأخرون عنه أصلا وصيغة الاستفعال للإشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له «ولا يستقدمون» أي لا يتقدمون عليه وهو عطف على يستأخرون لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه في نفسه كالتأخر بل للمبالغة في انتفاء التأخر بنظمه في سلك المستحيل عقلا كما في قوله سبحانه وتعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار فإن من مات كافرا مع ظهور أن لا توبة له رأسا قد نظم في عدم قبول التوبة في سلك من سوفها إلى حضور الموت إيذانا بتساوي وجود التوبة حينئذ وعدمها بالمرة كما مر في سورة الأعراف وقد جوز أن يراد بمجىء الأجل دنوه بحيث يمكن التقدم في الجملة كمجىء اليوم الذي ضرب لهلاكهم ساعة معينة منه لكن ليس في تقييد عدم الاستئخار بدنوه مزيد فائدة وتقديم بيان انتفاء الاستئخار على بيان انتفاء الاستقدام لأن المقصود الأهم بيان عدم خلاصهم من العذاب ولو ساعة وذلك بالتأخر وأما ما في قوله تعالى ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون من سبق السبق في الذكر فلما أن المراد هناك بيان سر تأخير عذابهم مع استحقاقهم له حسبما ينبئ عنه قوله عز وجل ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون فالأهم إذ ذاك بيان انتفاء السبق كما ذكر هناك «قل» لهم غب ما بينت كيفية جريان سنة الله عز وجل فيما بين الأمم على الإطلاق ونبهتهم على أن عذابهم أمر مقرر محتوم ولا يتوقف إلا على مجىء أجله المعلوم إيذانا بكمال دنوه وتنزيلا له منزلة إتيانه حقيقة «أرأيتم» أي أخبروني «إن أتاكم عذابه» الذي تستعجلون به «بياتا» أي وقت بيات واشتغال بالنوم «أو نهارا» أي عند اشتغالكم بمشاغلكم حسبما عين لكم من الأجل بمقتضى المشيئة التابعة للحكمة كما عين لسائر الأمم المهلكة وقوله عز وجل «ماذا يستعجل منه المجرمون» جواب للشرط بحذف الفاء كما في قولك إن أتيتك ماذا تطعمنى والمجرمون موضوع موضع المضمر لتأكيد الإنكار ببيان مباينة حالهم
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308