الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٧٧
في كلام العرب اللين والسكينة والوقار وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قال حلماء لا يجهلون وان جهل عليهم حلموا يصاحبون عباد الله نهارهم مما تسمعون ثم ذكر ليلهم خير ليل قال والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ينتصبون لله على أقدامهم ويفترشون وجوههم سجدا لربهم تجرى دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم قال الحسن لأمر ما سهر ليلهم ولامر ما خشع نهارهم والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم ان عذابها كان غراما قال كل شئ يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام انما الغرام اللازم له ما دامت السماوات والأرض قال صدق القوم والله الذي لا اله الا هو فعلوا ولم يتمنوا فإياكم وهذه الأماني يرحمكم الله فان الله لم يعط عبدا بالمنية خيرا في الدنيا والآخرة قط وكان يقول يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة * وأخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ان عذابها كان غراما قال الدائم * وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله ان عذابها كان غراما قال ملازما شديدا كلزوم الغريم الغريم قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت قول بشر بن أبي حازم ويوم النسار ويوم الجفار * كانا عذابا وكانا غراما * وأخرج ابن الأنباري عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله كان غراما ما الغرام قال المولع قال فيه الشاعر وما أكلة ان نلتها بغنيمة * ولا جوعة ان جعتها يغرام * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ان عذابها كان غراما قال قد علموا ان كل غريم يفارق غريمه الا غريم جهنم * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا قال هم المؤمنون لا يسرفون فيقعوا في معصية الله ولا يقترون فيمنعون حقوق الله * وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ولم يقتروا بنصب الياء ورفع التاء * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا قال الاسراف النفقة في معصية الله والاقتار الامساك عن حق الله قال وان الله قد فاء لكم فيئة فانتهوا إلى فيئة الله قال في المنفق يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا قال قولوا صدقا عدلا وقال للمؤمنين قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم عمالا يحل لهم وقال في الاستماع الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأحسنه طاعة الله * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا قال لا ينفقه في باطل ولا يمنعه من حق * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا قال أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يأكلون طعاما يريدون به نعيما ولا يلبسون ثوما يريدون به جمالا كانت قلوبهم على قلب واحد * وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله بين ذلك قواما قال عدلا * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال القوام أن لا تنفق من غير حق ولا تمسك من حق هو عليك * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن وهب بن منبه وكان بين ذلك قواما قال الشطر من أموالهم * وأخرج ابن جرير عن يزيد بن مرة الجعفي قال العلم خير من العمل والحسنة بين السيئتين يعنى إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وخير الأمور أوساطها * وأخرج عبد الرزاق عن الحسن في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا ان عمر بن الخطاب قال كفى سرفا أن الرجل لا يشتهى شيئا الا اشتراه فأكله * وأخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من فقه الرجل رفقه في معيشته * قوله تعالى (والذين لا يدعون) الآية * أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت ثم أي قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت ثم أي قالت أن تزاني حليلة جارك فأنزل الله تصديق ذلك والذين لا يدعون مع الله لها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون * وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك قد قتلوا فأكثروا وزنوا ثم
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست