الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٨٨
ما هذا فقال له علماء بني إسرائيل ان يوسف لما حضره الموت أخذ علينا موثقا ان لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا فقال لهم موسى أيكم يدرى أين قبره فقالوا ما يعلم أحد مكان قبره الا عجوز لبني إسرائيل فأرسل إليها موسى فقال دلينا على قبر يوسف فقالت لا والله حتى تعطيني حكمي قال وما حكمك قالت إن أكون معك في الجنة فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له أعطها حكمها فانطلقت بهم إلى بحيرة مشقشقة ماء فقالت لهم انضبوا عنها الماء ففعلوا قالت احفروا فحفروا فاستخرجوا قبر يوسف فلما احتملوه إذا الطريق مثل ضوء النهار * وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن سماك بن حرب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما أسرى موسى ببني إسرائيل غشيتهم غمامة حالت بينهم وبين الطريق ان يبصروه وقيل لموسى لن تعبر الا ومعك عظام يوسف قال وأين موضعها قالوا بنته عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها في الديار فرجع موسى فلما سمعت حسه قالت موسى قال موسى قالت ما وراءك قال أمرت ان أحمل عظام يوسف قالت ما كنتم لتعبروا الا وأنا معكم قال دليني على عظام يوسف قالت لا أفعل الا ان تعطيني ما سألتك قال فلك ما سالت قالت خذ بيدي فاخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطئ النيل في أصله سكة من حديد موتدة فيها سلسلة فقالت انا دفناه من ذلك الجانب فأخصب ذلك الجانب وأجدب ذا الجانب فحولناه إلى هذا الجانب فأخصب هذا الجانب وأجدب ذاك فلما رأينا ذلك جمعنا عظامه فجعلناها في صندوق من حديد وألقيناه في وسط النيل فأخصب الجانبان جميعا فحمل الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فألحقها بالعسكر وقال لها سلي ما شئت قالت فإني أسالك ان أكون أنا وأنت في درجة واحدة في الجنة ويرد على بصرى وشبابي حتى أكون شابة كما كنت قال فلك ذلك * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال أوصى يوسف عليه السلام ان جاء نبي من بعدي فقولوا له يخرج عظامي من هذه القرية فلما كان من أمر موسى ما كان يوم فرعون فمر بالقرية التي فيها قبر يوسف فسال عن قبره فلم يجد أحدا يخبره فقيل له ههنا عجوز بقيت من قوم يوسف فجاءها موسى عليه السلام فقال لها تدليني على قبر يوسف فقالت لا أفعل حتى تعطيني ما اشترط عليك فأوحى الله إلى موسى ان أعطها شرطها قال لها وما تريدين قالت أكون زوجتك في الجنة فأعطاها فدلته على قبره فحفر موسى القبر ثم بسط رداءه وأخرج عظام يوسف فجعله في وسط ثوبه ثم لف الثوب بالعظام فحمله على يمينه فقال له الملك الذي على يمينه الحمل يحمل على اليمين قال صدقت هو على الشمال وانما فعلت ذلك كرامة ليوسف * وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان يوسف عليه السلام قد عهد عند موته ان يخرجوا بعظامه معهم من مصر قال فتجهز القوم وخرجوا فتحيروا فقال لهم موسى انما تحيركم هذا من أجل عظام يوسف فمن يدلني عليها فقالت عجوز يقال لها شارح ابنة آشي بن يعقوب انا رأيت عمى يوسف حين دفن فما تجعل لي ان دللتك عليه قال حكمك فدلته عليه فاخذ عظام يوسف ثم قال احتكمي قالت أكون معك حيث كنت في الجنة * وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان الله أوحى إلى موسى أن أسر بعبادي وكان بنو إسرائيل استعاروا من قوم فرعون حليا وثيابا ان لنا عيدا نخرج إليه فخرج بهم موسى ليلا وهم ستمائة ألف وثلاثة آلاف ونيف فذلك قول فرعون ان هؤلاء لشرذمة قليلون وخرج فرعون ومقدمته خمسمائة ألف سوى الجنبين والقلب فلما انتهى موسى إلى البحر أقبل يوشع بن نون على فرسه فمشى على الماء واقتحم غيره بخيولهم فوثبوا في الماء وخرج فرعون في طلبهم حين أصبح وبعدما طلعت الشمس فذلك قوله فاتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى انا لمدركون فدعا موسى ربه فغشيتهم ضبابة حالت بينهم وبينه وقيل له اضرب بعصاك البحر ففعل فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يعنى الجبل فانفلق منه اثنا عشر طريقا فقالوا انا نخاف ان توحل فيه الخيل فدعا موسى ربه فهبت عليهم الصبا فجف فقالوا انا نخاف ان يغرق منا ولا نشعر فقال بعصاه فنقب الماء فجعل بينهم كوى حتى يرى بعضهم بعضا ثم دخلوا حتى جاوزوا البحر وأقبل فرعون حتى انتهى إلى الموضع الذي عبر منه موسى وطرقه على حالها فقال له أدلاؤه ان موسى قد سحر البحر حتى صار كما ترى وهو قوله واترك البحر رهوا يعنى كما هو فحذ ههنا حتى نلحقهم وهو مسيرة ثلاثة أيام في البر وكان فرعون يومئذ على حصان فاقبل جبريل على فرس أنثى في ثلاثة وثلاثين من الملائكة
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست