الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٩٠
انقطع بصره من الأرض وأهلها فنودي أيها الطاغية أين تريد ففرق ثم سمع الصوت فوقه فصوب الرماح فقوضت النسور ففزعت الجبال من هدتها وكادت الجبال ان تزول من حسن ذلك فذلك قوله وان كان مكرهم لتزول منه الجبال كذا قرأها مجاهد * واخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضى الله تعالى عنه في الآية قال إن نمرود صاحب النسور لعنه الله أمر بتابوت فجعل وجعل معه رجلا ثم أمر بالنسور فاحتمل فلما صعد قال لصاحبه أي شئ ترى قال أرى الماء وجزيرة يعنى الدنيا ثم صعد فقال لصاحبه أي شئ ترى قال ما نزداد من السماء الا بعدا قال اهبط * وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة ان جبارا من الجبابرة قال لا انتهى حتى انظر إلى من في السماء فسلط عليه أضعف خلقه فدخلت بعوضة في أنفه فاخذه الموت فقال اضربوا رأسي فضربوه حتى نسروا دماغه * وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله وان كان مكرهم لتزول منه الجبال قال انطلق ناس وأخذوا هذه النسور فعلقوا عليها كهيئة التوابيت ثم أرسلوها في السماء فرأتها الجبال فظنت انه شئ نزل من السماء فتحركت لذلك * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى قال أمر الذي حاج إبراهيم في ربه بإبراهيم فاخرج من مدينته فلقى لوطا على باب المدينة وهو ابن أخيه فدعاه فآمن به وقال انى مهاجر إلى ربى وحلف نمرود أن يطلب إله إبراهيم فاخذ أربعة فراخ من فراخ النسور فرباهن بالخبز واللحم حتى إذا كبرن وغلظن واستعلجن قرنهن بتابوت وقعد في ذلك التابوت ثم رفع رجلا من لحم لهن فطرن حتى إذا دهم في السماء أشرف فنظر إلى الأرض والى الجبال تدب كدبيب النمل ثم رفع لهن اللحم ثم نظر فرأى الأرض محيطا بها بحركاتها فلكة في ماء ثم رفع طويلا فوقع في ظلمة فلم ير ما فوقه ولم ير ما تحته فألقى اللحم فاتبعته منقضات فلما نظر الجبال إليهن قد أقبلن منقضات وسمعن حفيفهن فزعت الجبال وكادت ان تزول من أمكنتها ولم يفعلن فذلك قولهم وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وان كان مكرهم لتزول منه الجبال وهي في قراءة عبد الله بن مسعود وان كاد مكرهم فكان طيورهن به من بيت المقدس ووقوعهن في جبال الدخان فلما رأى أنه لا يطيق شيئا أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم فأحدث ولم يكن يحدث وأخذ الله بنيانه من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون يقول من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح فتنقض بهم وسقط فتبلبلت ألسنة الناس يومئذ من الفزع فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ان الله عزيز ذو انتقام قال عزيز والله في أمره يملي وكيده متين ثم إذا انتقم انتقم بقدره * قوله تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات) * أخرج مسلم وابن جرير والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ثوبان رضي الله عنه قال جاء حبر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم في الظلمة دون الجسر * وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية يوم تبدل الأرض غير الأرض قلت أين الناس يومئذ قال على الصراط * وأخرج البزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله يوم تبدل الأرض غير الأرض قال أرض بيضاء كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة * وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود في قوله يوم تبدل الأرض غير الأرض قال تبدل الأرض أرضا بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة قال البيهقي الموقوف أصح * وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال أتى اليهود النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه فقال جاؤني يسألوني سأخبرهم قبل ان يسألوني يوم تبدل الأرض غير الأرض قال أرض بيضاء كالفضة فسألهم فقالوا أرض بيضاء كالنقي * وأخرج ابن مردويه عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات قال ارض بيضاء لم يعمل عليها خطيئة ولم يسفك عليها دم * وأخرج
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست