الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٩٣
صرتم معنا في النار قالوا كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فسمع الله ما قالوا فامر بكل من كان في النار من أهل القبلة فاخرجوا فلما رأى ذلك من بقى من الكفار قالوا يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين * وأخرج إسحاق وابن راهويه وابن حبان والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري انه سئل هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية شيئا ربما يود الذين كفرا لو كانوا مسلمين قال نعم سمعته يقول يخرج الله أناسا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله فإذا رأى المشركون ذلك قالوا يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم فذلك قول الله ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم فيقولون يا ربنا أذهب عنا هذا الاسم فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم * وأخرج هناد بن السرى والطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم فيقول لهم أهل اللات والعزى ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار فيغضب الله لهم فيخرج فيلقيهم في نهر الحياة فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين * وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أول ما يأذن الله عز وجل له يوم القيامة في الكلام والشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال له قل تسمع وسل تعطه قال فيخر ساجدا فيثنى على الله ثناء لم يثن عليه أحد فيقال ارفع رأسك فيرفع رأسه فيقول أي رب أمتي أمتي فيخرج له ثلث من في النار من أمته ثم يقال قل تسمع وسل تعط فيخر ساجدا فيثنى على الله ثناء لم يثنه أحد فيقال ارفع رأسك فيرفع رأسه ويقول أي رب أمتي أمتي فيخرج له ثلث آخر من أمته ثم يقال له قل تسمع وسل تعط فيخر ساجدا فيثنى على الله ثناء لم يثنه أحد فيقال ارفع رأسك فيرفع رأسه ويقول رب أمتي أمتي فيخرج له الثلث الباقي فقيل للحسن ان أبا حمزة يحدث بكذا وكذا فقال يرحم الله أبا حمزة نسى الرابعة قيل وما الرابعة قال من ليست له حسنة لا إله إلا الله فيقول رب أمتي أمتي فيقال له يا محمد هؤلاء ينجيهم الله برحمته حتى لا يبقى أحد ممن قال لا إله إلا الله فعند ذلك يقول أهل جهنم مالنا من شافعين ولا صديق حميم فلو ان كنا كره فنكون من المؤمنين وقوله ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين * وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال يقوم نبيكم رابع أربعة فيشفع فلا يبقى في النار الا من شاء الله من المشركين فذلك قوله ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين * وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في السنة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين من دخل منهم جهنم لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد وصورهم على النار من أجل السجود فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه على قدر ذنوبهم وأعمالهم ومنهم من يمكث فيها شهرا ثم يخرج منها ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها وأطولهم فيها مكثا بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى فإذا أراد الله ان يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد آمنتم بالله وكتبه ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء فيغضب الله غضبا لم يغضبه لشئ فيما مضى فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في جميل السيل ثم يدخلون الجنة مكتوب في جباههم هؤلاء الجهنميون عنقاء الرحمن فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا ثم يسألون الله تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم فيبعث الله ملكا فيمحوه ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقى فيها يسمرونها بتلك المسامير فينساهم
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست