الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٨٦
يعرف نعمة الله عليه الا في مطعمه ومشربه فقد قل علمه وحضر عذابه * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرفهم لا إله إلا الله وان لا إله إلا الله لهم في الآخرة كالماء في الدنيا * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال إن لله على أهل النار منة فلو شاء أن يعذبهم باشد من النار لعذبهم * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن صالح قال كان بعض العلماء إذا تلا وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها قال سبحان من لم يجعل من معرفة نعمه الا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من ادراكه أكثر من العلم انه لا يدركه فجعل معرفة نعمه بالتقصير عن معرفتها شكرا كما شكر علم العالمين انهم لا يدركونه فجعله ايمانا علما منه أن العباد لا يجاوزون ذلك * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي أيوب القرشي مولى بنى هاشم قال قال داود عليه السلام رب أخبرني ما أدنى نعمتك على فأوحى الله يا داود تنفس فتنفس فقال هذا أدنى نعمتي عليك * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال عبد الله عابد خمسين عاما فأوحى الله إليه انى قد غفرت لك قال يا رب وما تغفر لي ولم أذنب فأذن الله تعالى لعرق في عنقه فضرب عليه فلم ينم ولم يصل ثم سكن فنام تلك الليلة فشكا إليه فقال ما لقيت من ضربان العرق قال الملك ان ربك يقول إن عبادتك خمسين سنة تعدل سكون ذلك العرق * قوله تعالى (ان الانسان لظلوم كفار) * أخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال اللهم اغفر لي ظلمي وكفري قال قائل يا أمير المؤمنين هذا الظلم فما بال الكفر قال إن الانسان لظلوم كفار * قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل) الآيتين * أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام قال فاستجاب الله تعالى لإبراهيم عليه السلام دعوته في ولده فلم يعبد أحد من ولده صنما بعد دعوته وجعل هذا البلد آمنا ورزق أهله من الثمرات وجعله إماما وجعل من ذريته من يقيم الصلاة وتقبل دعاءه وأراه مناسكه وتاب عليه * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله رب إنهن أضللن كثيرا من الناس قال الأصنام فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم قال اسمعوا إلى قول خليل الله إبراهيم عليه السلام لا والله ما كانوا لعانين ولا طعانين قال وكان يقال ان من أشرار عباد الله كل لعان قال وقال نبي الله ابن مريم عليه السلام ان تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى دعوت للعرب فقلت اللهم من لقيك منهم مؤمنا موقنا بك مصدقا بلقائك فاغفر له أيام حياته وهي دعوة أبينا إبراهيم ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ومن أقرب الناس إلى لوائي يومئذ العرب * وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عقيل بن أبي طالب ان النبي صلى الله عليه وسلم لما أتاه الستة النفر من الأنصار جلس إليهم عند جمرة العقبة فدعاهم إلى الله والى عبادته والموازرة على دينه فسألوه ان يعرض عليهم ما أوحى إليه فقرأ من سورة إبراهيم وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام إلى آخر السورة فرق القوم وأخبتوا حين سمعوا منه ما سمعوا وأجابوه * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي قال من يأمن البلاء بعد قول إبراهيم واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام * وأخرج عن سفيان بن عيينة قال لم يبعد أحد من ولد إسماعيل الأصنام لقوله واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام قيل فكيف لم يدخل ولد إسحاق وسائر ولد إبراهيم قال لأنه دعا لأهل هذا البلد ان لا يعبدوا إذا سكنهم فقال اجعل هذا البلد آمنا ولم يدع لجميع البلدان بذلك وقال واجنبني وبنى ان نعبد الأصنام فيه وقد خص أهله وقال ربنا انى أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك الحرام ربنا ليقيموا الصلاة * قوله تعالى (ربنا انى أسكنت من ذريتي) الآية * أخرج الواقدي وابن عساكر من طريق عامر بن سعد عن أبيه قال كانت سارة عليها السلام تحت إبراهيم عليه السلام فمكثت معه دهرا لا ترزق منه ولدا فلما رأيت ذلك وهبت له هاجر أمة لها قبطية فولدت له إسماعيل عليه السلام فغارت من ذلك سارة رضي الله عنها فوجدت في نفسها وعتبت على هاجر فحلفت ان تقطع منها ثلاثة أشراف فقال لها إبراهيم عليه السلام هل لك ان تبرى يمينك فقالت كيف أصنع قال اثقبي أذنيها واخفضيها والخفض هو الختان ففعلت ذلك بها فوضعت هاجر رضي الله عنها في أذنيها
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست