الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٣٢
الغد فقال مالك قال ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأسا قال اذهب إليه أنت فذهب ثم جاء من الغد حين قال فقال له أصحابه اخرج فعل الله بك تجئ كل يوم حين ينام لا تدعه ينام فجعل يصيح من أجل أنى انسان مسكين لو كنت غنيا فسمع أيضا قال مالك قال ذهبت إليه فضربني قال امش حتى أجئ معك فهو ممسك بيده فلما رآه ذهب معه نثر يده منه فذهب ففر * وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال قال نبي من الأنبياء لمن معه أيكم يكفل لي أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب ويكون معي في درجتي ويكون بعدي في مقامي قال شاب من القوم أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا فلما مات قام بعده في مقامه فاتاه إبليس بعد ما قال ليغضبه يستعديه فقال لرجل اذهب معه فجاء فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاءه فأخبره انه لم ير شيئا ثم أتاه فقام معه فاخذ بيده فانفلت منه فسمى ذا الكفل لأنه كفل أن لا يغضب * واخرج ابن سعيد النقاش في كتاب القضاة عن ابن عباس قال كان نبي جمع أمته فقال أيكم يتكفل لي بالقضاء بين أمتي على أن لا يغضب فقام فتى فقال أنا يا رسول الله ثم عاد فقال الفتى أنا ثم قال لهم الثالثة أيكم يتكفل لي بالقضاء بين الناس على أن لا يغضب فقال الفتى انا فاستخلفه فاتاه الشيطان بعد حين وكان يقضى حتى إذا انتصف النهار ثم رجع ثم راح الناس فاتاه الشيطان نصف النهار وهو نائم فناداه حتى أيقظه فاستعداه فقال إن كتابك رده ولم يرفع به رأسا ثنتين وثلاثا فاخذ الرجل بيده ثم مشى معه ساعة فلما رأى الشيطان ذلك نزع يده من يده ثم فر فسمى ذا الكفل * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حجيرة الأكبر انه بلغه انه كان ملك من ملوك بني إسرائيل عتى في ملكه فلما حضرته الوفاة أتاه رؤسهم فقالوا استخلف علينا ملكا نفزع إليه فجمع إليه رؤسهم فقال من رجل تكفل لي بثلاث وأوليه ملكي فلم يتكلم الا فتى من القوم قال انا قال اجلس ثم قالها ثانية فلم يتكلم أحد الا الفتى قال تكفل لي بثلاث وأوليك ملكي قال نعم قال تقوم الليل فلا ترقد وتصوم النهار فلا تفطر وتحكم فلا تغضب قال نعم قال قد وليتك ملكي فلما ان كان مكانه قام الليل وصام النهار وحكم فلا يعجل ولا يغضب يغدو فيجلس لهم فتمثل له الشيطان في صورة رجل فاتاه وقد تحين مقيله فقال أعدني على رجل ظلمني فأرسل معه رسولا فجعل يطوف به وذو الكفل ينظره حتى فاتته رقدته ثم انسل من وسط الناس فاتاه رسوله فأخبره فراح للناس فجلس لهم فقال الشيطان لعله يرقد الليل ولم يصم اليوم فلما أمسى صلى صلاته التي كان يصلى ثم أتاه الغد وقد تحين مقيله فقال أعدني على صاحبي فأرسل معه وانتظره وتبطأ حتى فات ذو الكفل رقدته ثم أتاه الرسول فأخبره فراح ولم ينم فقال الشيطان الليلة يرقد فأمسى يصلى صلاته كما كان يصلى ثم أتاه فقال قد صنعت به ما صنعت لعله يغضب قال أعدني على صاحبي فقال ألم أرسل معك رسولا قال بلى ولكن لم أجده فقال له ذو الكفل انطلق فانا أذهب معك فانطلق فطاف به ثم قال له أتدري من أنا قال لا قال انا الشيطان كنت تكفلت لصاحبك بأمر فأردت ان تدع بعضه وان الله قد عصمك * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال ما كان ذو الكفل بنبي ولكن كان في بني إسرائيل رجل صالح يصلى كل يوم مائة صلاة فتوفى فتكفل له ذو الكفل من بعده فكان يصلى كل يوم مائة صلاة فسمى ذا الكفل * وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان من طريق سعيد مولى طلحة عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله فاتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال ما يبكيك أكرهتك قالت لا ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه الا الحاجة فقال تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك وقال والله لا أعصى الله بعدها أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه ان الله قد غفر للكفل وأخرجه ابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمرو قال فيه ذو الكفل * قوله تعالى (وذا النون) الآيتين * أخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله وذا النون إذ ذهب مغاضبا يقول غضب على قومه فظن أن لن نقدر عليه يقول إن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم وفراره قال وعقوبته أخذ
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست