الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٣١
عن بركتك * وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذه بيده ويجعله في ثوبه فقيل له يا أيوب اما تشبع قال ومن يشبع من فضلك ورحمتك * وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ان أيوب عاش بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية وعلى ذلك مات وتغيروا بعد ذلك وغيروا دين إبراهيم كما غيره من كان قبلهم * وأخرج الحاكم عن وهب قال عاش أيوب ثلاثا وتسعين سنة وأوصى عند موته إلى ابنه حرمل وقد بعث الله بعده بشر بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل وكان مقيما بالشام عمره حتى مات ابن خمس وسبعين سنة وان بشرا أوصى إلى ابنه عبدان ثم بعث الله بعدهم شعيبا * وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الله الجدلي قال كان أيوب عليه السلام يقول اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني ان رأى حسنة أطفاها وان رأى سيئة أذاعها * وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال يؤتى بثلاثة يوم القيامة بالغنى والمريض والعبد المملوك فيقال للغنى ما منعك من عبادتي فيقول يا رب أكثرت لي من المال فطغيت فيؤتى بسليمان عليه السلام في ملكه فيقول أنت كنت أشد شغلا من هذا فيقول لا بل هذا قال فان هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ثم يؤتى بالمريض فيقول ما منعك من عبادتي فيقول شغلت على جسدي فيؤتى بأيوب في ضره فيقول أنت كنت أشد ضرا من هذا قال لا بل هذا قال فان هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني ثم يؤتى بالمملوك فيقول ما منعك من عبادتي فيقول يا رب جعلت على أربابا يملكونني فيؤتى بيوسف في عبوديته فيقول أنت كنت أشد عبودية أم هذا قال لا بل هذا قال فان هذا لم يمنعه أن عبدني والله أعلم * قوله تعالى (وذا الكفل) * أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وذا الكفل قال رجل صالح غير نبي تكفل لنبي قومه ان يكفيه أمر قومه ويقيمهم له ويقضى بينهم بالعدل ففعل ذلك فسمى ذا الكفل * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال لما كبر اليسع قال لو انى استخلفت رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل فجمع الناس فقال من يتكفل لي بثلاث استخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب قال فقام رجل تزدريه العين فقال أنا فقال أنت تصوم النهار وتقوم الليل ولا تغضب قال نعم قال فرده من ذلك اليوم وقال مثلها في اليوم الآخر فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال انا فاستخلفه قال فجعل إبليس يقول للشياطين عليكم بفلان فأعياهم ذلك فقال دعوني وإياه فاتاه في صورة شيخ كبير فقير فاتاه حين اخذ مضجعه للقائلة وكان لا ينام من الليل والنهار الا تلك النومة فدق الباب فقال من هذا قال شيخ كبير مظلوم قال فقام ففتح الباب فجعل يكثر عليه فقال إن بيني وبين قومي خصومة وانهم ظلموني وفعلوا بي وفعلوا وجعل يطول عليه حتى حضره وقت الرواح وذهبت القائلة وقال إذا رحت فائتني آخذ لك بحقك فانطلق وراح وكان في مجلسه فجعل ينظر هل يرى الشيخ الكبير المظلوم فلم يره فقام يبغيه فلما كان الغد جعل يقضى بين الناس فينتظره فلا يراه فلما راح إلى بيته جاء فدق عليه الباب فقال من هذا قال الشيخ الكبير المظلوم ففتح له فقال ألم أقل لك إذا قعدت فائتني قال إنهم أخبث قال قوم إذا رحت فائتني ففاتته القائلة فراح فجعل ينظر ولا يراه وشق عليه النعاس فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل ما وراءك قال انى قد أتيته أمس فذكرت له أمرى فقال لا والله لقد أمرنا أن لا يدع أحدا يقر به فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت فإذا هو يدق الباب من داخل فاستيقظ الرجل فقال يا فلان ألم آمرك قال من قبلي والله لم تؤت فانظر من أين أتيت فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا برجل معه في البيت فعرفه فقال له عدو الله قال نعم أعيتني في كل شئ ففعلت ما ترى لأغضبك فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به * وأخرج ابن أبي عن ابن عباس قال كان قاض في بني إسرائيل فحضره الموت فقال من يقوم مقامي على أن لا يغضب فقال رجل أنا فسمى ذا الكفل فكان ليله جميعا يصلى ثم يصبح صائما فيه فيقضى بين الناس وله ساعة يقيلها فكان بذلك فاتاه الشيطان عند نومته فقال له أصحابه ما لك قال انسان مسكين له على رجل حق قد غلبني عليه فقالوا كما أنت حتى يستيقظ قال وهو فوق نائم فجعل يصيح عمدا حتى يغضبه فسمع فقال مالك قال انسان مسكين لي على رجل حق قال اذهب فقل له يعطيك قال قد أبى قال اذهب أنت إليه فذهب ثم جاء من
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست