الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٣
عليه صبرا قال فجاء طائر هذه الحمرة فيلع فجعل يغمس منقاره في البحر فقال له يا موسى ما يقول هذا الطائر قال لا أدرى قال هذا يقول ما علمكما الذي تعلمان في علم الله الا كما أنقص بمنقاري من جميع ما في هذا البحر * وأخرج الروياني وابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بينما موسى عليه السلام يذكر بني إسرائيل إذ حدث نفسه انه ليس أحد من الناس أعلم منه فأوحى الله إليه انى قد علمت ما حدثت به نفسك فان من عبادي رجلا أعلم منك يكون على ساحل البحر فأته فتعلم منه واعلم أنه الآية الدالة لك على مكانه زادك الذي تزود به فأينما فقدته فهناك مكانه ثم خرج موسى وفتاه قد حملا حوتا مالحا في مكتل وخرجا يمشيان لا يجدان لغوبا ولا عنتا حتى انتهيا إلى العين الذي كان يشرب منها الخضر فمضى موسى وجلس فتاه فشرب منها فوثب الحوت من المكتل حتى وقع في الطين ثم جرى فيه حتى وقع في البحر فذلك قوله تعالى فاتخذ سبيله في البحر سربا فانطلق حتى لحق موسى فلما لحقه أدركه العياء فجلس وقال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال ففقد الحوت فقال انى نسيت الحوت الآية يعنى فتى موسى اتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغي إلى قصصا فانتهيا إلى الصخرة فأطاف بها موسى فلم ير شيئا ثم صعد فإذا على ظهرها رجل متلفف بكسائه نائم فسلم عليه موسى فرفع رأسه فقال أنى السلام بهذا المكان من أنت قال موسى بني إسرائيل قال فما كان لك في قومك شغل عنى قال انى أمرت بك قال فقال الخضر انك لن تستطيع معي صبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا الآية قال فان اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا فخرجا يمشيان حتى انتهيا إلى ساحل البحر فإذا قوم قد ركبوا في سفينة يريدون ان يقطعوا البحر ركبوا معهم فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضر حديدة كانت معه فخرق بها السفينة قال أخرقتها لتغرق أهلها الآية قال ألم أقل الآية قال لا تؤاخذني الآية فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية فوجدا صبيانا يلعبون يريدون القرية فاخذ الخضر غلاما منهم وهو أحسنهم وألطفهم فقتله قال له موسى أقتلت نفسا زكية الآية قال ألم أقل لك الآية قال إن سألتك الآية فانطلقا حتى انتهيا إلى قرية لئام وبهما جهد فاستطعموهم فلم يطعموهم فرأى الجدار مائلا فمسحه الخضر بيده فاستوى فقال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال له موسى قد ترى جهدنا وحاجتنا لو سألتهم عليه أجرا أعطوك فنتعشى به قال هذا فراق بيني وبينك قال فاخذ موسى بثوبه فقال أنشدك الصحبة الا أخبرتني عن تأويل ما رأيت قال أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر الآية خرقتها لأعيبها فلم تؤخذ فأصلحها أهلها فامتنعوا بها وأما الغلام فان الله جعله كافرا وكان أبواه مؤمنين فلو عاش لأرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال لما ظهر موسى وقومه على مصر أنزل قومه بمصر فلما استقرت بهم الدار أنزل الله وذكرهم بأيام الله فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعم وذكرهم إذ نجاهم الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض وقال كلم الله موسى نبيكم تكليما واصطفاني لنفسه وأنزل على محبة منه وآتاكم من كل شئ سألتموه ونبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرون اليوم فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم الا عرفهم إياها فقال له رجل من بني إسرائيل فهل على الأرض أعلم منك يا نبي الله قال لا فبعث الله جبريل إلى موسى فقال إن الله يقول وما يدريك أين أضع على بلى على ساحل البحر رجل أعلم قال ابن عباس هو الخضر فسال موسى ربه انه يريه إياه فأوحى الله إليه أن ائت البحر فإنك تجد على ساحل البحر حوتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وذهب منك فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب فلما طال صعود موسى ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فاني نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان ان أذكره لك قال الفتى لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك موسى فرجع حتى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر الا يبس حتى يكون صخرة فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقى الخضر بها فسلم عليه فقال الخضر وعليك السلام وأنى يكون هذا السلام بهذا الأرض ومن أنت قال أنا موسى فقال له
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست