الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٠
الغلمان فاخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله فقال له موسى أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك انك لن تستطيع معي صبرا قال وهذه أشد من الأولى قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقص قال مائل فاخذ الخضر بيده هكذا فأقامه فقال موسى قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا فقال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما قال سعيد بن جبير وكان ابن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وكان يقرأ وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين * وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق آخر عن سعيد بن جبير قال انا لعند ابن عباس في بيته إذ قال سلوني قلت أي أبا عباس جعلني الله فداءك بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل قال كذب عدو الله حدثني أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان موسى عليه السلام ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك قال لا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى قيل بلى قال أي رب فأين قال بمجمع البحرين قال أي رب اجعل لي علما أعلم به ذلك قال خذ حوتا ميتا حيت ينفخ فيه الروح فاخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه لا أكلفك الا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت قال ما كلفت كثيرا قال فبينا هو في ظل صخرة في مكان سريان أن تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه لا أوقظه حتى إذا استيقظ نسى أن يخبره وتضرب الحوت حتى دخل البحر فامسك الله عنه جرية البحر حتى كان أثره في حجر قال موسى لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه وقال هل بأرض من سلام من أنت قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم قال فما شأنك قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا قال أما يكفيك ان التوراة بيديك وان الوحي يأتيك يا موسى ان لي علما لا ينبغي ان تعلمه وان لك علما لا ينبغي لي ان أعلمه فاخذ طائر بمنقاره من البحر فقال والله ما علمي وعلمك في جنب على الله الا كما أخذ الطير منقاره من البحر حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل الساحل إلى أهل هذا الساحل الآخر فعرفوه فقالوا عبد الله الصالح لا نحمله بأجر فخرقها ووتد فيها وتدا قال موسى أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا أمرا قال ألم أقل انك لن تستطيع معي صبرا كانت الأولى نسيانا والوسطى والثالثة عمدا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله ووجد غلمانا يلعبون فاخذ غلاما كافرا ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين فقال أقتلت نفسا زكية لم تعمل الحنث قال ابن عباس قرأها زكية زاكية مسلمة كقولك غلاما زكيا فانطلقا فوجدا جدارا يريد ان ينقض فأقامه قال بيده هكذا ورفع يده فاستقام قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال أجرا تأكله وكان وراءهم ملك قرأها ابن عباس وكان امامهم ملك يزعمون مدد بن ندد والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا فأردت إذا هي مرت به ان يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها ومنهم من يقول سدوها بالقار وكان أبواه مؤمنين وكان كافرا فخشينا ان يرهقهما طغيانا وكفرا أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه فأردنا ان يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحماهما به أرحم منهما بالأول الذي قتل خضر وزعم غير سعيد انهما أبدلا جارية * وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكنا عنده فقال القوم ان نوفا الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني إسرائيل فكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال كذب نوف حدثني أبي بن كعب انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيا وأخذته دمامة من صاحبه فقال له ان سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني لرأى من صاحبه عجبا قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر نبيا من الأنبياء بدأ بنفسه فقال رحمة الله علينا وعلى صالح رحمة الله علينا وعلى أخي عاد ثم قال إن موسى بينا هو يخطب
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست