الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٤٤
ثم رأيت كذا وكذا فقال أبو جهل ألا تعجبون مما يقول محمد قال فأخبرته بعير لقريش لما كانت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وانها نفرت فلما رجعت رأيتها عند العقبة وأخبرتهم بكل رجل وبعيره كذا ومتاعه كذا فقال رجل أنا أعلم الناس ببيت المقدس فكيف بناؤه وكيف هيئته وكيف قربه من الجبل فرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس فنظر إليه فقال بناؤه كذا وهيئته كذا وقربه من الجبل كذا فقال صدقت * وأخرج البزار وأبو يعلى وابن جرير ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن أبى حاتم وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير قال جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكائيل فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام ائتني بطست من ماء زمزم كيما أطهر قلبه واشرح صدره فشق عن بطنه فغسله ثلاث مرات واختلف إليه ميكائيل عليه السلام بثلاث طساس من ماء زمزم فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل وملأه حلما وعلما وايمانا ويقينا وإسلاما وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ثم أتاه بفرس فحمل عليه كل خطوة منه منتهى بصره فسار وسار معه جبريل فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل ما هذا قال هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف وما أنفقوا من شئ فهو يخلفه ثم أتى على قوم ترضخ رؤسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شئ فقال ما هؤلاء يا جبريل فقال هؤلاء الذين تتثاقل رؤسهم عن الصلاة ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها قال ما هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله شيئا ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضج في قدر ولحم آخر نئ خبيث فجعلوا يأكلون من النئ الخبيث ويتركون النضيج الطيب قلت ما هؤلاء يا جبريل قال هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا فتأتي رجلا خبيثا فتبيت معه حتى تصبح ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب الا شقته ولا شئ الا خرقته قال ما هذا يا جبريل قال هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ثم أتى على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال ما هذا يا جبريل قال هذا الرجل من أمتك يكون عليه أمانات الناس لا يقدر على أدائها وهو يريد ان يحمل عليها ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاهم بمقاريض من نار كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ قال ما هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء خطباء الفتنة ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم فجعل الثور يريد ان يرجع من حيث خرج فلا يستطيع قال ما هذا يا جبريل قال هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ثم يندم عليها فلا يستطيع ان يردها تم أتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة وريح مسك وسمع صوتا فقال يا جبريل ما هذا قال هذا صوت الجنة تقول يا رب ائتني بما وعدتني فقد كثرت عرقي واستبرقي وحريري وسندسي وعبقري ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ومراكبي وعسلي ومائي ولبني وخمري فائتني ما وعدتني فقال لك كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة قالت رضيت ثم أتى على واد فسمع شكوى ووجد ريحا منتنة فقال ما هذا يا جبريل قال هذا صوت جهنم تقول رب ائتني بما وعدتني فلقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي وقد بعد قعري واشتد حرى فائتني ما وعدتني قال لك كل مشرك ومشركة وكافر وكافرة وكل خبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب قالت قد رضيت ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة ثم دخل فصلى مع الملائكة عليهم السلام فلما قضت الصلاة قالوا يا جبريل من هذا معك قال محمد صلى الله عليه وسلم قالوا وقد بعث إليه قال نعم قالوا حياه الله من أخ ومن خليفة فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجئ جاء ثم لقى أرواح الأنبياء عليهم السلام فأثنوا على ربهم فقال إبراهيم عليه السلام الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما وجعلني أمة قانتا يؤتم بي وأنقذني من النار وجعلها علي بردا وسلاما ثم إن موسى عليه السلام أثنى على ربه عز وجل فقال الحمد لله الذي كلمني تكليما وجعل هلاك آل فرعون ونجاة
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست