الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٤٢
ضحك وإذا نظر عن شماله بكى ثم عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها افتح فقال له خازنها مثل ما قال الأول ففتح قال أنس رضي الله عنه فذكر انه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم قال ابن شهاب وأخبرني ابن حزم ان ابن عباس وأبا حبة الأنصاري كانا يقولان قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى اسمع فيه صريف الأقلام قال ابن حزم وأنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرض الله على أمتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى فقال ما فرض الله على أمتك قلت فرض خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فان أمتك لا تطيق ذلك فرجعت فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته فقال راجع ربك فان أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربى فقال هي خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدى فرجعت إلى موسى فقال ارجع إلى ربك قلت قد استحيت من ربى ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى فغشيتها ألوان لا أدرى ما هي ثم أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عن ليلة أسرى به من مكة إلى المسجد الأقصى قال بينا أنا نائم عشاء بالمسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا وإذا أنا بكهيئة خيال فاتبعته بصرى حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى شبهه بدوابكم هذه بغالكم غير أنه مضطرب الاذنين يقال له البراق وكانت الأنبياء تركبه قبلي يقع حافره عند مد بصره فركبته فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه ثم دعاني داع عن شمالي يا محمد انظرني أسالك فلم أجبه فبينا أنا سائر إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله فقالت يا محمد انظرني أسالك فلم ألتفت إليها حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء عليهم السلام توثقها بها ثم أتاني جبريل عليه السلام بإنائين أحدهما خمر والآخر لبن فشربت اللبن وتركت الخمر فقال جبريل أصبت الفطرة أما انك لو أخذت الخمر غوت أمتك فقلت الله أكبر الله أكبر فقال جبريل ما رأيت في وجهك هذا قلت بينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه قال ذاك داعي اليهود أما انك لو أجبته لتهودت أمتك قلت وبينا أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري يا محمد انظرني أسالك فلم أجبه قال ذاك داعي النصارى أما انك لو أجبته لتنصرت أمتك فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة تقول يا محمد انظرني أسألك فلم أجبها قال تلك الدنيا أما انك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم فلم تر الخلائق أحسن من المعراج أما رأيت الميت حين رمى بصره طامحا إلى السماء عجبه بالمعراج فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة الف فاستفتح جبريل باب السماء قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل قد بعث إليه قال نعم فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته لم يتغير منه شئ وإذا هو تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين ثم تعرض عليه أرواح ذريته الكفار الفجار فيقول روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين فقلت يا جبريل من هذا قال هذا أبوك آدم فسلم على ورحب بي فقال مرحبا بالابن الصالح ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأخونة عليها لحم قد أروح وأنتن عندها أناس يأكلون منها قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام وفى لفظ فإذا أنا بقوم على مائدة عليها لحم مشوي كأحسن ما رأيت من اللحم وإذا حوله جيف فجعلوا يقبلون على الجيف يأكلون منها ويدعون اللحم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الزناة عمدوا إلى ما حرم الله عليهم وتركوا ما أحل الله لهم ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بقوم بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول اللهم لا تقم الساعة وهم على سابلة آل فرعون فتجئ السابلة فتطؤهم فسمعتهم يضجون إلى الله قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل قد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار ثم يخرج من أسافلهم
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست