الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٣٣
للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فامر به النبي صلى الله عليه وسلم ان يقتل يوم فتح مكة فاستجار له أبو بكر وعمر وعثمان بن عفان فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم * وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس مثله * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا الآية قال ذكر لنا أنه لما أنزل الله أن أهل مكة لا يقبل منهم اسلام حتى يهاجروا كتب بها أهل المدينة إلى أصحابهم من أهل مكة فخرجوا فأدركهم المشركون فردوهم فأنزل الله ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون فكتب بهذا أهل المدينة إلى أهل مكة فلما جاءهم ذلك تبايعوا على أن يخرجوا فان لحق بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حتى ينجوا أو يلحقوا بالله فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله ثم إن ربك للذين هاجروا الآية * وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي نحوه * وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نزلت هذه الآية فيمن كان يفتن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالاسلام فنزلت فيهم ثم إن ربك للذين هاجروا الآية فكتبوا إليهم بذلك ان الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل * وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فاتوه بهما فقال لأحدهما أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم قال أتشهد أنى رسول الله فأهوى إلى أذنيه فقال انى أصم فامر به فقتل وقال للآخر أتشهد ان محمدا رسول الله قال نعم قال أتشهد أنى رسول الله قال نعم فأرسله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أما صاحبك فمضى على ايمانه وأما أنت فأخذت بالرخصة * وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا قال نزلت في عياش بن أبي ربيعة أحد بنى مخزوم وكان أخا أبى جهل لامه وكان يضربه سوطا وراحلته سوطا * وأخرج ابن جرير عن أبي إسحاق في قوله ثم إن ربك للذين هاجروا من بعدما فتنوا قال نزلت هذه الآية في عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة والوليد بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد رضي الله عنهم * قوله تعالى (يوم تأتى كل نفس) الآية * أخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب قال كنت عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال خوفنا يا كعب فقلت يا أمير المؤمنين أو ليس فيكم كتاب الله وحكمة رسوله قال بلى ولكن خوفنا قلت يا أمير المؤمنين لو وافيت القيامة بعمل سبعين نبيا الا ازدريت عملك مما ترى قال زدنا قلت يا أمير المؤمنين لو فتح من جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتى يسيل من حرها قال زدنا قلت يا أمير المؤمنين ان جهنم لتزفر زفرة يوم القيامة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل الا خر جاثيا على ركبتيه حتى أن إبراهيم خليله ليخر جاثيا على ركبتيه فيقول رب نفسي نفسي لا أسالك اليوم الا نفسي فأطرق عمر مليا قلت يا أمير المؤمنين أو ليس تجدون هذا في كتاب الله قال كيف قلت قول الله في هذه الآية يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون * قوله تعالى (وضرب الله مثلا) الآية * أخرج ابن جرير عن ابن عباس عنهما في قوله وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة الآية قال يعنى مكة * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله وضرب الله مثلا قرية قال هي مكة ألا ترى انه قال ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه * وأخرج ابن أبي شيبة وعبيد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله قرية كانت آمنة قال مكة ألا ترى إلى قوله ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فاخذهم العذاب قال أخذهم الله بالجوع والخوف والقتل الشديد * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف قال فاخذهم الله بالجوع والخوف والقتل وفى قوله ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه قال أي والله يعرفون نسبة وأمره * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سليم بن عمر قال صحبت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خارجة من مكة إلى المدينة فأخبرت أن عثمان قد قتل فرجعت وقالت ارجعوا بي فوالذي نفسي بيده انها للقرية التي قال الله قرية كانت
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست