الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٤٣
فسمعتهم يضجون إلى الله قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء من أمتك الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن ونساء منكسات بأرجلهن فسمعتهن يضججن إلى الله قلت يا جبريل من هؤلاء النساء قال هؤلاء اللاتي يزنين ويقتلن أولادهن ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم ثم يدس في أفواههم ويقول كلوا مما أكلتم فإذا أكره ما خلق الله لهم ذلك قلت يا جبريل من هؤلاء قال هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون الذين يأكلون لحوم الناس ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب قلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم على ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء الثالثة فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما شبيه أحدهما بصاحبه ثيابهما وشعرهما فسلمت عليهما وسلما على ورحبا بي ثم صعدنا إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا فسلمت عليه وسلم على ورحبا بي ثم صعدنا إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها قلت يا جبريل من هذا قال هذا المحبب في قومه هذا هارون بن عمران ومعه نفر كثير من قومه فسلمت عليه وسلم على ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان خرج شعره منهما وإذا هو يقول يزعم الناس انى أكرم الخلق على الله وهذا أكرم على الله منى ولو كان وحده لم أبال ولكن كل نبي ومن تبعه من أمته قلت يا جبريل من هذا قال هذا أخوك موسى بن عمران ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم على ورحب بي ثم صعدنا إلى السماء السابعة فإذا أنا بإبراهيم وإذا هو جالس مسند ظهره إلى البيت المعمور ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم على وقال مرحبا بالابن الصالح فقيل لي هذا مكانك ومكان أمتك ثم تلا ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين وإذا بأمتي شطرين شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس وشطر عليهم ثياب رمد ثم دخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد وهم على خير فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ثم خرجت أنا ومن معي قال والبيت المعمور يصلى فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة وإذا في أصلها عين تجرى يقال لها سلسبيل فيشق منها نهران فقلت ما هذا يا جبريل فقال أما هذا فهو نهر الرحمة وأما هذا فهو نهر الكوثر الذي أعطاكه الله فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي من ذنبي ما تقدم وما تأخر ثم أخذت على الكوثر حتى دخلت الجنة فإذا فيها ما لا عين رأت والا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن وأنهار من لين لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى وإذا فيها رمان كأنه جلود الإبل المقتبة وإذا فيها طير كأنها البخت قال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله ان تلك الطير لناعمة قال آكلها أنعم منها يا أبا بكر وإني لأرجو أن تأكل منها قال ورأيت فيها جارية لعساء فسألتها لمن أنت فقالت لزيد بن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا ثم عرضت على النار فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته ولو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم غلقت دوني ثم انى رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاها فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة ثم إن الله أمرني بأمره وفرض على خمسين صلاة وقال لك بكل حسنة عشرا إذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شئ فان عملتها كتبت عليك سيئة واحدة ثم دفعت إلى موسى فقال بم أمرك ربك قلت بخمسين صلاة قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك فان أمتك لا يطيقون ذلك فرجعت إلى ربى فقلت يا رب خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عنى عشرا فما زلت اختلف بين موسى وبين ربى حتى جعلها خمسا فناداني ملك عندها تمت فريضتي وخففت عن عبادي فأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها ثم رجعت إلى موسى فقال بم أمرت قلت بخمس صلوات قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لامتك قلت قد رجعت إلى ربى حتى استحييته ثم أصبح بمكة يخبرهم العجائب انى رأيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست