الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٣٩
الا رحبوا بي وضحكوا إلى غير رجل واحد سلمت عليه فرد علي السلام ورحب بي ولم يضحك إلى قال ذاك مالك خازن النار لم يضحك منذ خلق ولو ضحك لأحد لضحك إليك قال ثم ركبت منصرفا فبينما هو في بعض طريقه مر بعين من قريش تحمل طعاما منها جمل عليه غرارتان غرارة سوداء وغرارة بيضاء فلما حاذى العير نفرت منه واستدارت وصرع ذلك البعير وانكسر ثم انه مضى فأصبح فأخبر عما كان فلما سمع المشركون قوله أتوا أبا بكر رضي الله عنه فقالوا يا أبا بكر هل لك في صاحبك يخبر انه أتى في ليلته هذه مسيرة شهر ثم رجع من ليلته فقال أبو بكر رضي الله عنه ان كان قاله فقد صدق وانا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا نصدقه على خبر السماء فقال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما علامة ما تقول قال مررت بعير لقريش وهي في مكان كذا وكذا فنفرت العير منا واستدارت وفيها بعير عليه غرارتان غرارة بيضاء وغرارة سوداء فصرع فانكسر فلما قدمت العير سألوهم فاخبروهم الخبر على مثل ما حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك سمى أبو بكر الصديق وسألوه هل كان فيمن حضر معك موسى وعيسى قال نعم فصفهما قال أما موسى فرجل آدم كأنه من رجال أزد عمان وأما عيسى فرجل ربعة سبط يعلوه حمرة كأنه يتحادر من لحيته الجمان * وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة عن أنس رضي الله عنه قال لما جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق فكأنها هزت أذنيها فقال جبريل يا براق فوالله ما ركبك مثله وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو بعجوز على جانب الطريق فقال ما هذه يا جبريل قال سر يا محمد فسار ما شاء الله ان يسير فإذا شئ يدعوه متنحيا عن الطريق يقول هلم يا محمد فقال له جبريل سر يا محمد فسار ما شاء الله ان يسير فلقيه خلق من خلق الله فقالوا السلام عليك يا أول السلام عليك يا آخر السلام عليك يا حاشر فقال له جبريل عليه السلام أردد السلام فرد السلام ثم لقيه الثانية فقال له مثل ذلك ثم الثالثة كذلك حتى انتهى إلى بيت المقدس فعرض عليه الماء والخمر واللبن فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن فقال له جبريل عليه السلام أصبت الفطرة ولو شربت الماء لغرقت أمتك ولو شربت الخمر لغوت أمتك ثم بعث له آدم عليه السلام فمن دونه من الأنبياء فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ثم قال جبريل أما العجوز التي رأيت على جانب الطريق فلم يبق من الدنيا الا ما بقى من عمر تلك العجوز وأما الذي أراد ان تميل إليه فذاك عدو الله إبليس أراد ان تميل إليه واما الذين سلموا عليك فإبراهيم وموسى وعيسى * وأخرج ابن مردويه من طريق كثير بن خنيس عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا مضطجع في المسجد ليلة نائما إذ رأيت ثلاثة نفر أقبلوا نحوي فقال الأول هو هو قال الأوسط نعم قال الآخر خذوا سيد القوم فرجعوا عنى ثم رأيتهم الليلة الثانية فقال الأول هو هو فقال الأوسط نعم وقال الآخر خذوا سيد القوم فرجعوا عنى حتى إذا كانت الليلة الثالثة رأيتهم فقال الأول هو هو وقال الأوسط نعم وقال الاخر خذوا سيد القوم حتى جاؤوا بي زمزم فاستلقوني على ظهري ثم غسلوا حشوة بطني ثم قال بعضهم لبعض أنقوا ثم أتى بطست من ذهب مملوءة حكمة وايمانا فأفرغ في جوفي ثم عرج بي إلى السماء فاستفتح فقالوا من هذا قال جبريل قالوا ومن معك قال محمد قالوا وقد أرسل إليه قال نعم ففتح فإذا آدم إذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر عن شماله بكى قلت يا جبريل من هذا قال هذا أبوك آدم إذا نظر عن يمينه رأى من في الجنة من ذريته ضحك وإذا نظر عن يساره رأى من في النار من ذريته بكى ثم قال أنس بن مالك يا ابن أخي انه يطول على الحديث ثم عرج بي حتى جاء السماء السادسة فاستفتح فقال من هذا قال جبريل قال ومن معك قال محمد قال وقد أرسل إليه قال نعم ففتح فإذا موسى ثم عرج به السماء السابعة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قال وقد أرسل إليه قال نعم ففتح فإذا إبراهيم قال مرحبا بالابن والرسول ثم مضى حتى جاء إلى الجنة فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معكم قال محمد قال وقد أرسل إليه قال نعم ففتح الباب قال فدخلت الجنة فأعطيت الكوثر فإذا نهر في الجنة عضادتاه بيوت مجوفة من لؤلؤ ثم مضى حتى جاء سدرة المنتهى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ففرض على وعلى أمتي خمسين صلاة فرجعت حتى أمر بموسى فقال كم فرض عليكم وعلى أمتك قلت خمسين صلاة قال فارجع إلى ربك فاسأله يخفف عنك وعن أمتك فرجعت إليه
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست