الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٤٨
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صليت ليلة أسري بي في مقدم المسجد ثم دخلت إلى الصخرة فإذا ملك قائم معه آنية ثلاث فتناولت العسل فشربت منه قليلا ثم تناولت الآخر فشربت منه حتى رويت فإذا هو لبن فقال أشرب من الآخر فإذا هو خمر قلت قد رويت قال اما انك لو شربت من هذا لم تجتمع أمتك على الفطرة أبدا ثم انطلق بي إلى السماء ففرضت علي الصلاة ثم رجعت إلى خديجة رضي الله عنها وما تحولت عن جانبها الآخر * وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أم هانئ رضي الله عنها قالت بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به في بيتي ففقدته من الليل فامتنع عنى النوم مخافة ان يكون عرض له بعض قريش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان جبريل عليه السلام أتاني فاخذ بيدي فأخرجني فإذا على الباب دابة دون البغل وفوق الحمار فحملني عليها ثم انطلق حتى أتى بي إلى بيت المقدس فأراني إبراهيم يشبه خلقه خلقي ويشبه خلقي خلقه وأراني موسى آدم طوالا سبط الشعر أشبهه برجال أزد شنوءة وأراني عيسى بن مريم ربعة أبيض يضرب إلى الحمرة شبهته بعروة بن مسعود الثقفي وأراني الدجال ممسوح العين اليمنى شبهته بقطن بن عبد العزى قال وأنا أريد ان أخرج إلى قريش فأخبرهم ما رأيت فأخذت بثوبه فقلت انى أذكرك الله انك تأتى قوما يكذبونك وينكرون مقالتك فأخاف ان يسطوا بك قالت فضرب ثوبه من يدي ثم خرج إليهم فأتاهم وهم جلوس فأخبرهم فقام مطعم بن عدي فقال يا محمد لو كنت شابا كما كنت ما تكلمت بما تكلمت به وأنت بين ظهرانينا فقال رجل من القوم يا محمد هل مررت بابل لنا في مكان كذا وكذا قال نعم والله وجدتهم قد أضلوا بعيرا لهم فهم في طلبه قال هل مررت بابل لبني فلان قال نعم وجدتهم في مكان كذا وكذا قد انكسرت لهم ناقة حمراء فوجدتهم وعندهم قصعة من ماء فشربت ما فيها قالوا فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاء قال قد كنت عن عدتها مشغولا فقام وأتى بالإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء أتى قريشا فقال لهم سألتموني عن إبل بنى فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء فلان وفلان وسألتموني عن إبل بنى فلان فهي كذا وكذا وفيها من الرعاء ابن أبي قحافة وفلان وفلان وهي مصبحتكم الغداة الثنية فقعدوا إلى الثنية ينظرون أصدقهم ما قال فاستقبلوا الإبل فسألوا هل ضل لكم بعير قالوا نعم فسألوا الآخر هل انكسر لكم ناقة حمراء قالوا نعم قال فهل كان عندكم قصعة من ماء قال أبو بكر رضي الله عنه والله أنا وضعتها فما شربها أحد منا ولا أهريقت في الأرض فصدقه أبو بكر رضي الله عنه وآمن به فسمى يومئذ الصديق * وأخرج أبو يعلى وابن عساكر عن أم هانئ رضي الله عنها قالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بغلس وأنا على فراشي فقال شعرت انى نمت الليلة في المسجد الحرام فأتاني جبريل فذهب بي إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل مضطرب الاذنين فركبته فكان يضع حافره مد بصره إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه وقصرت رجلاه وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه وجبريل لا يفوتني حتى انتهينا إلى بيت المقدس فأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها فنشر لي رهط من الأنبياء عليهم السلام منهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم وأتيت بإنائين أحمر وأبيض فشرب الأبيض فقال لي جبريل عليه السلام شربت اللبن وتركت الخمر لو شربت الخمر لارتدت أمتك ثم ركبته فاتيت المسجد الحرام فصليت به الغداة فتعلقت بردائه وقلت أنشدك الله يا ابن عم ان تحدث بها قريشا فيكذبك من صدقك فضربت بيدي على ردائه فانتزعه من يدي فارتفع عن بطنه فنظرت إلى عكنه فوق أزاره كأنها طي القراطيس وإذا نور ساطع عند فؤاده كاد يختطف بصرى فخررت ساجدة فلما رفعت رأسي إذا هو قد خرج فقلت لجاريتي ويحك اتبعيه وانظري ماذا يقول وماذا يقول له فلما رجعت أخبرتني انه انتهى إلى نفر من قريش فيهم المطعم بن عدي وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة فقال انى صليت الليلة العشاء في هذا المسجد وصليت به الغداة وأتيت فيما بين ذلك ببيت المقدس فنشر لي رهط من الأنبياء فيهم إبراهيم وموسى وعيسى فصليت بهم وكلمتهم فقال عمرو بن هشام كالمستهزئ صفهم لي فقال أما عيسى ففوق الربعة ودون الطويل عريض الصدر جعد الشعر يعلوه صهبة كأنه عروة بن مسعود الثقفي وأما موسى فضخم آدم طوال كأنه من رجال شنوءة كثير الشعر غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفة خارج اللثة عابس وأما إبراهيم فوالله لأنا أشبه الناس به خلقا فضجوا وعظموا ذاك فقال المطعم كل أمرك قبل اليوم كان أمما غير قولك اليوم انا أشهد انك كاذب نحن نضرب
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست