الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١١٩
عبد بن حميد عن مجاهد قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإنه أكبر منك وأشد خلقا قال فلما تجلى ربه للجبل فنظر إلى الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل يندك على أوله فلما رأى موسى ما يصنع الجبل خر موسى صعقا * وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوحى الله إلى موسى بن عمران انى مكلمك على جبل طور سينا صار من مقام موسى إلى جبل طور سينا أربع فراسخ في أربع فراسخ رعد وبرق وصواعق فكانت ليلة قر فجاء موسى حتى وقف بين يدي صخرة جبل طور سينا فإذا هو بشجرة خضراء الماء يقطر منها وتكاد النار تلفح من جوفها فوقف موسى متعجبا فنودي من جوف الشجرة يا ميشا فوقف موسى مستمعا للصوت فقال موسى من هذا الصوت العبراني يكلمني فقال الله له يا موسى انى لست بعبراني انى أنا الله رب العالمين فكلم الله موسى في ذلك المقام بسبعين لغة ليس منها لغة الا وهي مخالفة للغة الأخرى وكتب له التوراة في ذلك المقام فقال موسى إلهي أرني انظر إليك قال يا موسى انه لا يراني أحد الا مات فقال موسى إلهي أرني انظر إليك وأموت فأجاب موسى جبل طور سينا يا موسى بن عمران لقد سألت أمرا عظيما لقد ارتعدت السماوات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن وزالت الجبال واضطربت البحار لعظم ما سالت يا ابن عمران فقال موسى وأعاد الكلام رب أرني أنظر إليك فقال يا موسى انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فإنك تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا مقدار جمعة فلما أفاق موسى مسح التراب عن وجهه وهو يقول سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين فكان موسى بعد مقامه لا يراه أحد الا مات واتخذ موسى على وجهه البرقع فجعل يكلم الناس بقفاه فبينا موسى ذات يوم في الصحراء فإذا هو بثلاثة نفر يحفرون قبرا حتى انتهوا إلى الضريح فجاء موسى حتى أشرف عليهم فقال لهم لمن تحفرون هذا القبر قالوا له لرجل كأنه أنت أو مثلك أو في طولك أو نحوك فلو نزلت فقدرنا عليك هذا الضريح فنزل موسى فتمدد في الضريح فامر الله الأرض فانطبقت عليه * وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال هكذا وأشار بإصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر وفى لفظ على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل وخر موسى صعقا وفى لفظ فساخ الجبل في الأرض فهو يهوى فيها إلى يوم القيامة * وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه من طريق ثابت عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فلما تجلى ربه للجبل قال أظهر مقدار هذا ووضع الابهام على خنصر الإصبع الصغرى فقال حميد يا أبا محمد ما تريد إلى هذا فضرب في صدره قال من أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول أنت ما تريد إلى هذا * واخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال الجبل الذي أمر الله أن ينظر إليه طور * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الرؤية عن ابن عباس فلما تجلى ربه للجبل قال ما تجلى منه الا قدر الخنصر جعله دكا قال ترابا وخر موسى صعقا قال مغشيا عليه * وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما تجلى الله لموسى كان يبصر دبيب النملة على لصفا في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة أحد وورقان ورضوى وبمكة حراء وثبير وثور * وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما تجلى الله لموسى تطايرت سبعة أجبال ففي الحجاز منها خمسة وفى اليمن اثنان في الحجاز أحد وثبير وحراء وثور وورقان وفى اليمن حصور وصير * وأخرج ابن مردويه عن علي ابن أبي طالب في قوله فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال اسمع موسى قال له انى أنا الله قال وذاك عشية عرفة وكان الجبل بالموقف فانقطع على سبع قطع قطعة سقطت بين يديه وهو الذي يقوم الامام عنده في الموقف يوم عرفة وبالمدينة ثلاثة طيبة وأحد ورضوى وطور سينا بالشام وانما سمى الطور لأنه طار في الهواء إلى الشام * وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال أخرج خنصره * وأخرج ابن مردويه عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاء
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست