الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١١٥
موسى ثلاثين ليلة قال ذو القعدة وأتممناها بعشر قال عشر ذي الحجة * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر قال إن موسى قال لقومه ان ربى وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هارون فيكم فلما فصل موسى إلى ربه زاده الله عشرا فكانت فتنتهم في العشر التي زاده الله فلما مضى ثلاثون ليلة كان السامري أبصر جبريل فاخذ من أثر الفرس قبضة من تراب فقال حين مضى ثلاثون ليلة يا بني إسرائيل ان معكم حليا من حلى آل فرعون وهو حرام عليكم فهاتوا ما عندكم فنحرقها فاتوه بما عندهم من حليهم فأوقد نارا ثم ألقى الحلي في النار فلما ذاب الحلي ألقى تلك القبضة من التراب في النار فصار عجلا جسدا له خوار فخار خورة واحدة لم يثن فقال السامري ان موسى ذهب يطلب ربكم وهذا إله موسى فذلك قوله هذا إلهكم وإله موسى فنسى يقول انطلق يطلب ربه فضل عنه وهو هذا فقال الله تبارك وتعالى لموسى وهو يناجيه انا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يعنى حزينا * وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال قال الرب تبارك وتعالى لموسى عليه السلام مر قومك أن ينيبوا إلى ويدعوني في العشر يعنى عشر ذي الحجة فإذا كان اليوم العاشر فليخرجوا إلى أغفر لهم قال وهب اليوم الذي طلبته اليهود فأخطؤه وليس عدد أصوب من عدد العرب * وأخرج الديلمي عن ابن عباس رفعه لما أتى موسى ربه وأراد ان يكلمه بعد الثلاثين يوما وقد صام ليلهن ونهارهن فكره ان يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم فتناول من نبات الأرض فمضغه فقال له ربه لم أفطرت وهو أعلم بالذي كان قال أي رب كرهت ان أكلمك الا وفمي طيب الريح قال أو ما علمت يا موسى ان ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك ارجع فصم عشرة أيام ثم ائتني ففعل موسى الذي أمره ربه فلما كلم الله موسى قال له ما قال * قوله تعالى (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) * اخرج البزار وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كلم الله موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه فقال له موسى يا رب أهذا كلامك الذي كلمتني به قال يا موسى انما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ولى قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا يا موسى صف لنا كلام الرحمن فقال لا تستطيعونه ألم تروا إلى أصوات الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتموه فذاك قريب منه وليس به * وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عطاء بن السائب قال كان لموسى عليه السلام قبة طولها ستمائة ذراع يناجى فيها ربه عز وجل * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب قال لما كلم الله موسى قال يا رب أهكذا كلامك قال يا موسى انما أكلمك بقوة عشرة آلاف لسان ولى قوة الألسنة كلها ولو كلمتك بكنه كلامي لم تك شيئا * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن كعب قال لما كلم الله موسى كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه يعنى كلام موسى فجعل يقول يا رب لا أفهم حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته فقال يا رب هكذا كلامك قال لا لو سمعت كلامي أي على وجهه لم تك شيئا قال يا رب هل في خلقك شئ شبه كلامك قال لا وأقرب خلقي شبها بكلامي أشد ما سمع الناس من الصواعق * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال قيل لموسى عليه السلام ما شبهت كلام ربك مما خلق فقال موسى الرعد الساكن * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال انما كلم الله موسى بقدر ما يطيق من كلامه ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شئ فمكث موسى أربعين ليلة لا يراه أحد الا مات من نور رب العالمين * وأخرج الديلمي عن أبي هريرة رفعه لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة فأول ما كلمه بالبربرية ان قال يا موسى ونفسي معبرا أي أنا الله الأكبر قال موسى يا رب أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك فما الحكمة في ذلك فأوحى الله إليه أعطيتها أعدائي ليتمرغوا ومنعتها أوليائي ليتضرعوا * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عجلان قال كلم الله موسى بالألسنة كلها وكان فيما كلمه لسان البربر فقال كلمة بالبربرية أنا الله الكبير * وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم كلم الله موسى كان عليه جبة
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست