الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٠٠
ضربتم في سبيل الله فتبينوا الآية * وأخرج ابن إسحاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبغوي في معجمه من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي حدرد الأسلمي عن أبيه نحوه فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أقتلته بعدما قال آمنت بالله فنزل القرآن * وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الاسلام وكانت بينهم إحنة في الجاهلية فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال لا غفر الله لك فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه فما مضت به ساعة حتى مات ودفنوه فلفظته الأرض فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم ثم طرحوه في جبل وألقوا عليه الحجارة فنزلت يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم الآية * وأخرج البزار والدار قطني في الافراد والطبراني عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود فلما أتوا القوم وجدوهم فد تفرقوا وبقى رجل له مال كثير لم يبرح فقال أشهد ان لا إله إلا الله فأهوى إليه المقداد فقتله فقال له رجل من أصحابه أقتلت رجلا شهد ان لا إله إلا الله لا ذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله ان رجلا شهد ان لا إله إلا الله فقتله المقداد فقال ادعوا لي المقداد فقال يا مقداد أقتلت رجلا يقول لا إله إلا الله فكيف لك بلا إله إلا الله غدا فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله إلى قوله كذلك كنتم من قبل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد كان رجل مؤمن يخفى ايمانه مع قوم كفار فأظهر ايمانه فقتلته وكذلك كنت تخفى إيمانك بمكة قبل * واخرج ابن أبي حاتم عن جابر قال أنزلت هذه الآية ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام في مرداس * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كان الرجل يتكلم بالاسلام ويؤمن بالله والرسول ويكون في قومه فإذا جاءت سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بها حية يعنى قومه وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل انه على دينهم حتى يلقاهم فيلقى إليهم السلام فيقولون لست مؤمنا وقد ألقى السلم فيقتلونه فقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا إلى تبتغون عرض الحياة الدنيا يعنى تقتلونه إرادة ان يحل لكم ماله الذي وجدتم معه وذلك عرض الحياة الدنيا فان عندي مغانم كثيرة والتمسوا من فضل الله وهو رجل اسمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها رجل من بنى ليث اسمه قليب ولم يجامعهم وإذا فيهم مرداس فسلم عليهم فقتلوه فامر رسول الله صلى الله عليه ولم لأهله بديته ورد إليهم ماله ونهى المؤمنين عن مثل ذلك * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا قال هذا الحديث في شان مرداس رجل من غطفان ذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك وبه ناس من غطفان وكان مرداس منهم فر أصحابه فقال مرداس انى مؤمن وعلى متبعكم فصبحته الخيل غدوة فلما لقوه سلم عليهم مرداس فتلقاه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلوه وأخذوا ما كان معه من متاع فأنزل الله في شانه ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا لان تحية المسلمين السلام بها يتعارفون وبها يحيى بعضهم بعضا * وأخرج ابن جرير عن السدى في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله الآية قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بنى ضمرة فلقوا رجلا منهم يدعى مرداس بن نهيك معه غنيمة له وجمل أحمر فلما رآهم أوى إلى كهف جبل واتبعه أسامة فلما بلغ مرداس الكهف وضع فيه غنمه ثم أقبل إليهم فقال السلام عليكم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فشد عليه أسامة فقتله من أجل جمله وغنيمته وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أسامة أحب أن يثنى عليه خير ويسأل عنه أصحابه فلما رجعوا لم يسألهم عنه فجعل القوم يحدثون النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون يا رسول الله لو رأيت أسامة ولقيه رجل فقال الرجل لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد عليه فقتله وهو معرض عنهم فلما أكثروا عليه رفع رأسه إلى أسامة فقال كيف أنت ولا إله إلا الله فقال يا رسول الله انما قالها متعوذا تعوذ بها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هلا شققت عن قلبه فنظرت إليه فأنزل الله خبر هذا وأخبر انما قتله من أجل جمله وغنمه فذلك حين
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة