بل الذي تصنع قال فخلى عنى ثم إن صاحب البيعة دعاه فقال أتعلم ان هذه البيعة لي وأنا أحق الناس بها ولو شئت أن أخرج منها هؤلاء لفعلت ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء وأنا أريد ان أتحول من هذه البيعة إلى بيعة أخرى هم أهون عبادة من ههنا فان شئت أن تقيم ههنا فأقم وان شئت ان تنطلق معي فانطلق فقال له سلمان أي البيعتين أفضل أهلا قال هذه قال سلمان فانا أكون في هذه فأقام سلمان بها وأوصى صاحب البيعة بسلمان يتعبد معهم ثم إن الشيخ العالم أراد أن يأتي بيت المقدس فدعا سلمان فقال انى أريد آتي بيت المقدس فان شئت ان تنطلق معي فانطلق وان شئت ان تقيم فأقم قال له سلمان أيهما أفضل انطلق معك أو أقيم قال لا بل تنطلق فانطلق معه فجلسوا بمقعد على ظهر الطريق ملقى فلما رآهما نادى يا سيد الرهبان ارحمني رحمك الله فلم يكلمه ولم ينظر إليه وانطلقا حتى أتيا بيت المقدس وقال الشيخ لسلمان أخرج فاطلب العلم فإنه يحضر هذا المسجد علماء الأرض فخرج سلمان يسمع منهم فرجع يوما حزينا فقال له الشيخ مالك يا سلمان قال إن الخير كله قد ذهب به من كان قبلنا من الأنبياء والاتباع فقال له الشيخ لا تحزن فإنه قد بقى نبي ليس من نبي بأفضل تبعا منه وهذا زمانه الذي يخرج فيه ولا أراني أدركه وأما أنت فشاب فلعلك ان تدركه وهو يخرج في أرض العرب فان أدركته فآمن به واتبعه قال له سلمان فأخبرني عن علامته بشئ قال نعم وهو مختوم في ظهره بخاتم النبوة وهو يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ثم رجعا حتى بلغا مكان المقعد فناداهما فقال يا سيد الرهبان ارحمني رحمك الله فعطف إليه حماره فاخذ بيده فرفعه فضرب به الأرض ودعا له وقال قم بإذن الله فقام صحيحا يشتد فجعل سلمان يتعجب وهو ينظر إليه وسار الراهب فغيب عن سلمان ولا يعلم سلمان ثم إن سلمان فزع بطلب الراهب فلقيه رجلان من العرب من كلب فسألهما هل رأيتما الراهب فأناخ أحدهما راحلته قال نعم 7 راعى الصرمة هذا فحمله فانطلق به إلى المدينة قال سلمان فأصابني من الحزن شئ لم يصبني مثله قط فاشترته امرأة من جهينة فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم هذا يوما وهذا يوما وكان سلمان يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد صلى الله عليه وسلم فبينما هو يوما يرعى إذ أتاه صاحبه بعقبة فقال له أشعرت انه قد قدم المدينة اليوم رجل يزعم أنه نبي فقال له سلمان أقم في الغنم حتى آتيك فهبط سلمان إلى المدينة فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودار حوله فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم عرف ما يريد فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمه فلما رآه أتاه وكلمه ثم انطلق فاشترى بدينار ببعضه شاة فشواها وببعضه خبزا ثم أتاه به فقال ما هذه قال سلمان هذه صدقة قال لا حاجة لي بها فأخرجها فليأكلها المسلمون ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا قال هذه هدية قال فاقعد فكل فقعد فأكلا منها جميعا فبينما هو يحدثه إذ ذكر أصحابه فأخبره خبرهم فقال كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون انك ستبعث نبيا فلما فرغ من سلمان من ثنائه عليهم قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم يا سلمان هم من أهل النار فاشتد ذلك على سلمان وقد كان قال له سلمان لو أدركوك صدقوك واتبعوك فأنزل الله هذه الآية ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر * وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال سال سلمان الفارسي النبي صلى الله عليه وسلم عن أولئك النصارى وما رأى من أعمالهم قال لم يموتوا على الاسلام قال سلمان فاظلمت على الأرض وذكرت اجتهادهم فنزلت هذه الآية ان الذين آمنوا والذين هادوا فدعا سلمان فقال نزلت هذه الآية في أصحابك ثم قال من مات على دين عيسى قبل أن يسمع بي فهو على خير ومن سمع بي ولم يؤمن فقد هلك * وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ وابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس في قوله ان الذين آمنوا والذين هادوا الآية قال فأنزل الله بعد هذا ومن يبتع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين * وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم من طريق عبد الله بن نجى عن علي قال انما سميت اليهود لانهم قالوا انا هدنا إليك * واخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال نحن أعلم الناس من أين تسمت اليهود باليهودية من كلمة موسى عليه السلام انا هدنا إليك ولم تسمت النصارى بالنصرانية من كلمة عيسى عليه السلام كونوا أنصار الله * وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال نحن أعلم الناس من أين تسمت اليهود باليهودية والنصارى بالنصرانية انما تسمت اليهود باليهودية بكلمة قالها موسى انا هدنا إليك فلما مات قالوا هذه الكلمة
(٧٤)