الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣٤٦
عصا فإذا أقناء معلقة في المسجد قنو منها حشف فطعن في ذلك القنو وقال ما يضر صاحبه لو تصدق بأطيب من هذه ان صاحب هذه ليأكل الحشف يوم القيامة * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله انفقوا من طيبات ما كسبتم يقول تصدقوا من أطيب أموالكم وأنفسه ولستم بآخذيه قال لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه فذلك قوله الا ان تغمضوا فيه فكيف ترضون لي مالا ترضون لأنفسكم وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه وهو قوله لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون * وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مغفل في قوله ولا تيمموا الخبيث قال كسب المسلم لا يكون خبيثا ولكن لا تصدق بالحشف والدرهم الزيف وما لا خير فيه وفي قوله الا ان تغمضوا فيه قال لا تجوزوا فيه * وأخرج ابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب ولا تيمموا الخبيث يقول ولا تعمدوا للخبيث منه تنفقون واعلموا ان الله غنى عن صدقاتكم * وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله ولا تيمموا الخبيث قال لا تعمدوا إلى شر ثماركم وحروثكم فتعطوه في الصدقة ولو أعطيتم ذلك لم تقبلوا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول يممت راحلتي امام محمد * أرجو فواضله وحسن نداه وقال أيضا تيممت قيسا وكم دونه * من الأرض من مهمه ذي شرر * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال سألت عبيدة عن هذه الآية ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال انما ذلك في الزكاة في الشئ الواجب فاما في التطوع فلا باس بان يتصدق الرجل بالدرهم الزيف هو خير من التمرة * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ولستم بآخذيه الا ان تغمضوا فيه قال كان رجال يعطون زكاة أموالهم من التمر فكانوا يعطون الحشف في الزكاة فقال لو كان بعضهم يطلب بعضا ثم قضاه لم يأخذه الا أن يرى أنه قد أغمض عنه حقه * وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ولستم بآخذيه الا أن تغمضوا فيه قال لا تأخذونه من غرمائكم ولا في بيوعكم الا بزيادة على الطيب في الكيل وذلك فيما كانوا يعلقون من التمر بالمدينة ومن كل ما أنفقتم فلا تنفقوا الا طيبا * وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال الحشفة والحنطة المأكولة ولستم بآخذيه الا ان تغمضوا فيه قال أرأيت لو كان لك على رجل حق فأعطاك دراهم فيها زيوف فأخذتها أليس قد كنت غمضت من حقك * وأخرج وكيع عن الحسن ولستم بآخذيه الا أن تغمضوا فيه قال لو وجدتموه يباع في السوق ما أخذتموه حتى يهضم لكم من الثمن * وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ولستم بآخذيه الا ان تغمضوا فيه يقول لو كان لك على رجل حق لم ترض ان تأخذ منه دون حقك فكيف ترضى لله بارد أمالك تقرب به إليه * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ولستم بآخذيه الا ان تغمضوا فيه يقول لستم بآخذي هذا الردئ بسعر الطيب الا ان يهضم لكم منه * وأخرج أبو داود والطبراني عن عبد الله بن معاوية الفاخري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الايمان من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا الله وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه وافرة عليه كل عام ولم يعط الهرمة ولا الذربة ولا المريضة ولا الشرط اللثيمة ولكن من وسط أموالكم فان الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره * وأخرج الشافعي عن عمر بن الخطاب انه استعمل أبا سفيان بن عبد الله على الطائف فقال قل لهم لا آخذ منكم الربى ولا الماخض ولا ذات الدر ولا الشاة الأكولة ولا فحل الغنم وخذ العناق والجذعة والثنية فذلك عدل بين ردئ المال وخياره * وأخرج الشافعي عن سعر أخي بنى عدى قال جاءني رجلان فقالا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا نصدق أموال الناس قال فأخرجت لهما شاة ماخضا أفضل ما وجدت فرداها على وقالا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا ان نأخذ الشاة الحبلى قال فأعطيتهما شاة من وسط الغنم فأخذاها * وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم وصححه عن أبي بن كعب قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم مصدقا فمررت برجل فجمع لي ماله فلم أجد عليه فيها الا ابنة مخاض فقلت له أدابة مخاض فإنها صدقتك فقال ذاك مالا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة عظيمة سمينة فخذها فقلت له ما أنا بآخذ ما لم أومر به وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فان أحببت ان تأتيه فتعرض عليه ذلك قال انى فاعل
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست