الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣٥١
بالمهاجرين حين طالت هجرتها إياه فقالت والله لا أشفع فيه أحدا أبدا ولا أحنث نذري الذي نذرت أبدا فلما طال على ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بنى زهرة فقال لهما أنشدكما الله الا أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها ان تنذر قطيعتي فاقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين عليه بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة فقالا السلام على النبي ورحمة الله وبركاته اندخل فقالت عائشة ادخلوا قالوا أكلنا يا أم المؤمنين قالت نعم ادخلوا كلكم ولا تعلم عائشة ان معهما ابن الزبير فلما دخلوا دخل ابن الزبير في الحجاب واعتنق عائشة وطفق يناشدها ويبكي وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدان عائشة الا كلمته وقبلت منه ويقولان قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عما قد علمت من الهجرة وأنه لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال فلما أكثروا التذكير والتحريج طفقت تذكرهم وتبكي وتقول انى قد نذرت والنذر شديد فلم يزالوا بها حتى كلمت ابن الزبير ثم أعتقت بنذرها أربعين رقبة لله ثم كانت تذكر بعدما أعتقت أربعين رقبة فتبكي حتى تبل دموعها خمارها * وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حجيرة الأكبر ان رجلا أتاه فقال انى نذرت ان لا أكلم أخي فقال إن الشيطان ولد له ولد فسماه نذرا وان من قطع ما أمر الله به ان يوصل فقد حلت عليه اللعنة * وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نذر ان يطيع الله فليطعه ومن نذر ان يعصيه فلا يعصه * وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين * وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عمران بن حصين قال أسرت امرأة من الأنصار فأصيبت العضباء فقعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت ونذرت ان نجاها الله عليها لتنحرنها فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنها نذرت ان نجاها الله عليها لتنحرنها فاتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال سبحان الله بئس ما جزتها نذرت لله ان نجاها الله عليها لتنحرنها لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد * وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عقبة بن عامر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفارة النذر إذا لم يسم كفارة اليمين * وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على العبد نذر فيما لا يملك * وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وانما يستخرج به من البخيل * وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنذروا فان النذر لا يغنى من القدر شيئا وانما يستخرج به من البخيل * وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتي ابن آدم النذر بشئ لم أكن قدرته ولكن يلقيه النذر إلى القدر قد قدرته فيستخرج الله به من البخيل فيؤتيني عليه ما لم يكن يؤتيني عليه من قبل * وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخا يهادى بين ابنيه فقال ما بال هذا قالوا نذر ان يمشى إلى الكعبة قال إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغنى وأمره ان يركب * وأخرج مسلم وابن ماجة عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم أدرك شيخا يمشى بين ابنيه يتوكأ عليهما فقال ما شان هذا قال ابناه يا رسول الله كان عليه نذر فقال النبي صلى الله عليه وسلم اركب أيها الشيخ فان الله غنى عنك وعن نذرك * وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عقبة بن عامر قال نذرت أختي ان تمشى إلى بيت الله حافية فأمرتني ان استفتى لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيته فقال لتمش ولتركب * وأخرج أبو داود عن ابن عباس ان أخت عقبة بن عامر نذرت ان تحج ماشية وانها لا تطيق ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لغنى عن مشى أختك فلتركب ولتهد بدنة * وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان أختي نذرت ان تحج ماشية فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا فلتحج راكبة وتكفر يمينها * وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عقبة بن عامر انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت ان تحج حافية غير مختمرة فقال مروها
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست