الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣١١
وهم ألوف حذر الموت قال مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم الله عقوبة ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليستوفوها ولو كانت آجال القوم جاءت ما بعثوا بعد موتهم * وأخرج ابن جرير عن أشعث بن أسلم البصري قال بينا عمر يصلى ويهوديان خلفه قال أحدهما لصاحبه أهو هو فلما انتعل عمر قال أرأيت قول أحدكما لصاحبه أهو هو قالا انا نجده في كتابنا قرنا من حديد يعطى ما يعطى حزقيل الذي أحيا الموتى بإذن الله فقال عمر ما نجد في كتاب الله حزقيل ولا أحيا الموتى بإذن الله الا عيسى قال أما تجد في كتاب الله رسلا لم نقصصهم عليك فقال عمر بلى قال واما احياء الموتى فسنحدثك ان بني إسرائيل وقع عليهم الوباء فخرج منهم قوم حتى إذا كانوا على رأس ميل أماتهم الله فبنوا عليهم حائطا حتى إذا بليت عظامهم بعث الله حزقيل فقام عليهم فقال ما شاء الله فبعثهم الله له فأنزل الله في ذلك ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن هلال بن يساف في الآية قال هؤلاء قوم من بني إسرائيل كانوا إذا وقع فيهم الطاعون خرج أغنياؤهم وأشرافهم وأقام فقراؤهم وسفلتهم فاستحر القتل على المقيمين ولم يصب الآخرين شئ فلما كان عام من تلك الأعوام قالوا لو صنعنا كما صنعوا نجونا فظعنوا جميعا فأرسل عليهم الموت فصاروا عظاما تبرق فجاءهم أهل القرى فجمعوهم في مكان واحد فمر بهم نبي فقال يا رب لو شئت أحييت هؤلاء فعمروا بلادك وعبدوك فقال قل كذا وكذا فتكلم به فنظر إلى العظام تركب ثم تكلم فإذا العظام تكسى لحما ثم تكلم فإذا هم قعود يسبحون ويكبرون ثم قيل لهم قاتلوا في سبيل الله واعلموا ان الله سميع عليم * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في الآية قال هم قوم فروا من الطاعون فأماتهم الله قبل آجالهم عقوبة ومقتا ثم أحياهم ليكملوا بقية آجالهم * وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه ان كالب بن يوقنا لما قبضه الله بعد يوشح خلف في بني إسرائيل حزقيل من بوزى وهو ابن العجوز وانما سمى ابن العجوز لأنها سألت الله الولد وقد كبرت فوهبه لها وهو الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في كتابه في قوله ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم الآية * وأخرج عبد بن حميد عن وهب قال أصاب ناسا من بني إسرائيل بلاء وشدة من الزمان فشكوا ما أصابهم وقالوا يا ليتنا قد متنا فاسترحنا مما نحن فيه فأوحى الله إلى حزقيل ان قومك صاحوا من البلاء وزعموا انهم ودوا لو ماتوا واستراحوا وأي راحة لهم في الموت أيظنون انى لا أقدر على أن أبعثهم بعد الموت فانطلق إلى جبانة كذا وكذا فان فيها أربعة آلاف قال وهب وهم الذين قال الله ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقم فناد فيهم وكانت عظامهم قد تفرقت كما فرقتها الطير والسباع فنادى حزقيل أيتها العظام ان الله يأمرك ان تجتمعي فاجتمع عظام كل انسان منهم معا ثم قال أيتها العظام ان الله يأمرك أن ينبت العصب والعقب فتلازمت واشتدت بالعصب والعقب ثم نادى ثانية حزقيل فقال أيتها العظام ان الله يأمرك ان تكتسي اللحم فاكتست اللحم وبعد اللحم جلدا فكانت أجسادا ثم نادى حزقيل الثالثة فقال أيتها الأرواح ان الله يأمرك ان تعودي في أجسادك فقاموا بإذن الله فكبروا تكبيرة رجل واحد * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت يقول عدد كثير خرجوا فرارا من الجهاد في سبيل الله فأماتهم الله حتى ذاقوا الموت الذي فروا منه ثم أحياهم وأمرهم أن يجاهدوا عدوهم فذلك قوله تعالى وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم وهم الذين قالوا لنبيهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله * وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية قال كانوا أربعين ألفا وثمانية آلاف حظر عليهم حظائر وقد أروحت أجسادهم وأنتنوا فإنها لتوجد اليوم في ذلك السبط من اليهود تلك الريح خرجوا فرارا من الجهاد في سبيل الله فأماتهم الله ثم أحياهم فأمرهم بالجهاد فذلك قوله وقاتلوا في سبيل الله * وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال خرجوا فرارا من الطاعون وهم ألوف ليست الفرقة أخرجتهم كما يخرج للحرب والقتال قلوبهم مؤتلفة فلما كانوا حيث ذهبوا يبتغون الحياة قال الله لهم موتوا ومر رجل وهي عظام تلوح فوقف ينظر فقال انى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام * وأخرج البخاري والنسائي عن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني انه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء وجعله رحمة للمؤمنين فليس من رجل يقع الطاعون
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 316 ... » »»
الفهرست