الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣١٥
كنا نهاب الجهاد ونزهد فيه انا كنا ممنوعين في بلادنا لا يطؤها أحد فلا يظهر علينا فيها عدو فاما إذ بلغ ذلك فإنه لابد من الجهاد فنطيع ربنا في جهاد عدونا ونمنع أبناءنا ونساءنا وذرارينا فلما قالوا له ذلك سال الله شمويل ان يبعث لهم ملكا فقال الله له أنظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي في القرن فهو ملك بني إسرائيل فأدهن رأسه منه وملكه عليهم فأقام ينتظر متى ذلك الرجل داخلا عليه وكان طالوت رجلا دباغا يعمل الأدم وكان من سبط بنيامين بن يعقوب وكان سبط بنيامين سبطا لم يكن فيهم نبوة ولا ملك فخرج طالوت في ابتغاء دابة له أضلته ومعه غلام فمرا ببيت النبي عليه السلام فقال غلام طالوت لطالوت لو دخلت بنا على هذا النبي فسألناه عن أمر دابتنا فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير فقال طالوت ما بما قلت من باس فدخلا عليه فبينما هما عنده يذكران له شان دابتهما ويسألانه ان يدعو لهما فيها إذ نش الدهن الذي في القرن فقام إليه النبي عليه السلام فاخذه ثم قال لطالوت قرب رأسك فقربه فدهنه منه ثم قال أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله ان أملكك عليهم وكان اسم طالوت بالسريانية شاول بن قيس بن أشال بن ضرار بن يحرب بن أفيح بن انس بن يامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فجلس عنده وقال الناس ملك طالوت فاتت عظماء بني إسرائيل نبيهم فقالوا له ما شأن طالوت تملك علينا وليس من بيت النبوة ولا المملكة قد عرفت ان النبوة والملك في آل لاوي وآل يهوذا فقال لهم ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن وهب بن منبه قال قالت بنو إسرائيل لشمويل ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال قد كفاكم الله القتال قالوا انا نتخوف من حولنا فيكون لنا ملك نفزع إليه فأوحى الله إلى شمويل ان ابعث لهم طالوت ملكا وأدهنه بدهن القدس وضلت حمر لأبي طالوت فأرسله وغلاما له يطلبانها فجاؤوا إلى شمويل يسألونه عنها فقال إن الله قد بعثك ملكا على بني إسرائيل قال أنا قال نعم قال وما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل قال بلى قال فبأي آية قال بآية أن ترجع وقد وجد أبوك حمره فدهنه بدهن القدس فقال لبني إسرائيل ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك الآية * وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله إذ قالوا لنبي لهم قال شمؤل * وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في الآية قال هو يوشع بن نون * وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مرة عن أبي عبيدة إذ قالوا لنبي لهم قال هو الشمول بن حنة بن العاقر * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى في الآية قال كانت بنو إسرائيل يقاتلون العمالقة وكان ملك العمالقة جالوت وأنهم ظهروا على بني إسرائيل فضربوا عليهم الجزية وأخذوا توراتهم وكانت بنو إسرائيل يسألون الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه وكان سبط النبوة قد هلكوا فلم يبق منهم الا امرأة حبلى فأخذوها فحبسوها في بيت رهبة ان أتلد حارية فتبدله بغلام لما ترى من رغبة بني إسرائيل في ولدها فجعلت تدعوا الله أن يرزقها غلاما فولدت غلاما فسمته شمعون فكبر الغلام فأسلمته يتعلم التوراة في بيت المقدس وكفله شيخ من علمائهم وتبناه فلما بلغ الغلام أن يبعثه الله نبيا أتاه جبريل والغلام نائم إلى جنب الشيخ وكان لا يأتمن عليه أحدا غيره فدعاه بلحن الشيخ يا شماؤل فقام الغلام فزعا إلى الشيخ فقال يا أبتاه دعوتني فكره الشيخ أن يقول لا فيفزع الغلام فقال يا بنى ارجع فنم فرجع فنام ثم دعاه الثانية فاتاه الغلام أيضا فقال دعوتني فقال ارجع فنم فان دعوتك الثالثة فلا تجبني فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل فقال اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك فان الله قد بعثك فيهم نبيا فلما أتاهم كذبوه وقالوا استعجلت بالنبوة ولم يأن لك وقالوا ان كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله أية نبوتك فقال لهم شمعون عسى ان كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله الآية فدعا الله فأتى بعصا تكون على مقدار طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكا فقال إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا فقاسوا أنفسهم بها فلم يكونوا مثلها وكان طالوت رجلا سقاء يسقى على حمار له فضل حماره فانطلق يطلبه في الطريق فلما رأوه دعوه فقاسوه بها فكان مثلها فقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قال القوم ما كنت قط أكذب منك الساعة ونحن من سبط المملكة وليس هو من سبط المملكة ولم يؤت سعة من المال فنتبعه لذلك فقال النبي ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم قالوا فان كنت صادقا فاتنا بآية ان هذا ملك قال إن آية ملكه أن
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»
الفهرست