الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٣١٤
بكتاب الله وسنة نبيه موسى ثم استخلف آخر فسار فيهم بسيرة صاحبيه ثم استخلف آخر فعرفوا وأنكروا ثم استخلف آخر فأنكروا عامة أمره ثم استخلف آخر فأنكروا أمره كله ثم إن بني إسرائيل أتوا نبيا من أنبيائهم حين أذوا في أنفسهم وأموالهم فقالوا له سل ربك ان يكتب علينا القتال فقال لهم ذلك النبي هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا الآية فبعث الله طالوت ملكا وكان في بني إسرائيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة ولم يكن طالوت من سبط النبوة ولا من سبط المملكة فلما بعث لهم ملكا أنكروا ذلك وقالوا أنى يكون له الملك علينا فقال إن الله اصطفاه عليكم الآية * فأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد موسى الآية قال هذا حين رفعت التوراة واستخرج أهل الايمان وكانت الجبابرة قد أخرجتهم من ديارهم وأبنائهم فلما كتب عليهم القتال وذلك حين أتاهم التابوت قال وكان من بني إسرائيل سبطان سبط نبوة وسبط خلافة فلا تكون الخلافة الا في سبط الخلافة ولا تكون النبوة الا في سبط النبوة فقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه وليس من أحد السبطين لا من سبط النبوة ولا من سبط الخلافة قال إن الله اصطفاه عليكم الآية فأبوا ان يسلموا له الرياسة حتى قال لهم ان آية ملكه ان يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وكان موسى حين ألقى الألواح تكسرت ورفع منها وجمع ما بقى فجعله في التابوت وكانت العمالقة قد سبت ذلك التابوت والعمالقة فرقة من عاد كانوا بأريحا فجاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت فلما رأوا ذلك قالوا نعم فسلموا له وملكوه وكانت الأنبياء إذا حضروا قتالا قدموا التابوت بين أيديهم ويقولون ان آدم نزل بذلك التابوت وبالركن وبعصا موسى من الجنة وبلغني ان التابوت وعصى موسى في بحيرة طبرية وأنهما يخرجان قبل يوم القيامة * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن وهب بن منبه قال خلف بعد موسى في بني إسرائيل يوشع بن نون يقيم فيهم التوراة وأمر الله حتى قبضه الله ثم خلف فيهم كالب بن يوقنا يقيم فيهم التوراة وأمر الله حتى قبضه الله ثم خلف فيهم حزقيل بن بوزى وهو ابن العجوز ثم إن الله قبض حزقيل وعظمت في بني إسرائيل الاحداث ونسوا ما كان من عهد الله إليهم حتى نصبوا الأوثان وعبدوها من دون الله فبعث إليهم الياس بن نسى بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبيا وانما كانت الأنبياء من بني إسرائيل بعد موسى يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من التوراة وكان الياس مع ملك من ملوك بني إسرائيل يقال له اجان وكان يسمع منه ويصدقه فكان الياس يقيم له أمره وكان سائر بني إسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه فجعل الياس يدعوهم إلى الله وجعلوا لا يسمعون منه شيئا الا ما كان من ذلك الملك والملوك متفرقة بالشام كل ملك له ناحية منها يأكلها فقال ذلك الملك لألياس ما أرى ما تدعو إليه الا باطلا أرى فلانا وفلانا يعدد ملوك بني إسرائيل قد عبدوا الأوثان وهم يأكلون ويشربون ويتنعمون ما ينقص من دنياهم فاسترجع الياس وقام شعره ثم رفضه وخرج عنه ففعل ذلك الملك فعل أصحابه وعبد الأوثان ثم خلف من بعده فيهم اليسع فكان فيهم ما شاء الله أن يكون ثم قبضه الله إليه وخلفت فيهم الخلوف وعظمت فيهم الخطايا وعندهم التابوت يتوارثونه كابرا عن كابر فيه السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون وكان لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت ويرجعون به معهم الا هزم الله ذلك العدو فلما عظمت أحداثهم وتركوا عهد الله إليهم نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا معهم التابوت كما كانوا يخرجونه ثم زحفوا به فقوتلوا حتى استلب من أيديهم فمرج أمرهم عليهم ووطئهم عدوهم حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم وفيهم نبي لهم يقال له شمويل وهو الذي ذكر الله في قوله ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم الآية فكلموه وقالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وانما كان قوام بني إسرائيل الاجتماع على الملوك وطاعة الملوك أنبياءهم وكان الملك هو يسير بالجموع والنبي يقوم له بأمره ويأتيه بالخبر من ربه فإذا فعلوا ذلك صلح أمرهم فإذا غتت ملوكهم وتركوا أمر أنبيائهم فسد أمرهم فكانت الملوك إذا تابعتها الجماعة على الضلالة تركوا أمر الرسل ففريقا يكذبون فلا يقبلون منه شيئا وفريقا يقتلون فلم يزل ذلك البلاء بهم حتى قالوا له ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فقال لهم انه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد فقالوا انا
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»
الفهرست