الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٢٧
ولدت كانوا يطوفون عراة الا أن تعطيهم الحمس ثيابا فيعطى الرجال الرجال والنساء النساء وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة وكان الناس كلهم يبلغون عرفات قال هشام فحدثني أبى عن عائشة قال كانت الحمس الذين أنزل الله فيهم ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس قالت كان الناس يفيضون من عرفات وكان الحمس يفيضون من المزدلفة يقولون لا نفيض الا من الحرم فلما نزلت أفيضوا من حيث أفاض الناس رجعوا إلى عرفات * وأخرج ابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت قالت قريش نحن بواطن البيت لا نجاوز الحرم فقال الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس * وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والطبراني عن جبير بن مطعم قال أضللت بعيرا لي فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا مع الناس بعرفة فقلت والله ان هذا لمن الحمس فما شانه ههنا وكانت قريش تعد من الحمس زاد الطبراني وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم ان عظمتم غير حرمكم استخف الناس حرمكم وكانوا لا يخرجون من الحرم * وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم قال كانت قريش انما تدفع من المزدلفة ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم وقد تركوا الموقف على عرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ثم يدفع إذا وقفوا * وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه وانه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس يدفع معهم منها وما ذاك الا توفيق من الله * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال كانت العرب تقف بعرفة وكانت قريش دون ذلك بالمزدلفة فأنزل الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس * وأخرج ابن المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت كانت قريش يقفون بالمزدلفة ويقف الناس بعرفة الا شيبة بن ربيعة فأنزل الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس * وأخرج عبد ابن حميد عن قتادة قال كانت قريش وكل ابن أخت لهم وحليف لا يفيضون مع الناس من عرفات انما يفيضون من المغمس كانوا يقولون انما نحن أهل الله فلا نخرج من حرمه فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس وكانت سنة إبراهيم وإسماعيل الإفاضة من عرفات * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله من حيث أفاض الناس قال إبراهيم * وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس قال عرفة كانت قريش تقول انما نحن خمس أهل الحرم لا يخلف الحرم المزدلفة أمروا أن يبلغوا عرفة * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال كان الناس يقفون بعرفة الا قريشا وأحلافها وهي الحمس فقال بعضهم لا تعظموا الا الحرم فإنكم ان عظمتم غير الحرم أوشك أن تتهاونوا بحرمكم فقصروا عن مواقف الحق فوقفوا بجمع فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس من عرفات * قوله تعالى (واستغفروا الله ان الله غفور رحيم) * أخرج ابن جرير عن مجاهد قال إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا في الملائكة فيقول لهم عبادي آمنوا بوعدي وصدقوا رسلي ما جزاؤهم فيقال أن يغفر لهم فذلك قوله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ان الله غفور رحيم * وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي والحاكم عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وانه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراده هؤلاء * وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يباهي باهل عرفات أهل السماء فيقول لهم انظروا إلى عبادي جاؤني شعثا غبرا * وأخرج البزار وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل أيام الدنيا أيام العشر يعنى عشر ذي الحجة قيل وما مثلهن في سبيل الله قال ولا مثلهن في سبيل الله الا رجل عفر وجهه بالتراب وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا فيباهي باهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤني شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويستعيذون من عذابي ولم يروه فلم ير يوما أكثر عتيقا وعتيقة من النار منه * وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاصي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة باهل عرفة فيقول انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبر
(٢٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 ... » »»
الفهرست