الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٢٩
ابن أبى طالب انه قال وهو بعرفات لا أدع هذا الموقف ما وجدت إليه سبيلا لأنه ليس في الأرض يوم أكثر عتقا للرقاب فيه من يوم عرفة فأكثروا في ذلك اليوم من قول اللهم أعتق رقبتي من النار وأوسع لي في الرزق الحلال واصرف عنى فسقة الجن والإنس فإنه عامة ما أدعوك به * وأخرج الطبراني في الدعاء عن ابن عباس قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة اللهم انك ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سرى وعلانيتي ولا يخفى عليك شئ من أمري انا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنبه أسألك مسألة المساكين وابتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف المضرور من خضعت له رقبته وفاضت له عيناه ونحل لك جسده ورغم أنفه اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا وكن بي رؤفا رحيما يا خير المسؤولين ويا خير المعطين * وأخرج الطبراني في الدعاء عن ابن عمر انه كان يرفع صوته عشية عرفة يقول اللهم اهدنا بالهدى وزينا بالتقوى واغفر لنا في الآخرة والأولى ثم يخفض صوته بقوله اللهم إني أسالك من فضلك رزقا طيبا مباركا اللهم إني أمرت بالدعاء وقضيت على نفسك بالإجابة وانك لا تخلف وعدك ولا تنكث عهدك اللهم ما أحببت من خير فحببه إلينا ويسره لنا وما كرهت من شر فكرهه إلينا وجنبناه ولا تنزع منا الاسلام بعد إذ أعطيتناه * وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو ذر الهروي في المناسك عن أبي مجلز قال شهدت ابن عمر بالموقف بعرفات فسمعته يقول الله أكبر ولله الحمد ثلاث مرات ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مرة واحدة ثم يقول اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا ويسكت قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب ثم يعود فيقول مثل ذلك حتى أفاض * وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سليمان الداراني عن عبد الله ابن أحمد بن عطية قال سئل علي بن أبي طالب عن الوقوف بالجبل ولم لم يكن في الحرم قال لان الكعبة بيت الله والحرم باب الله فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون قيل يا أمير المؤمنين فالوقوف بالمشعر قال لأنه لما أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني وهو المزدلفة فلما ان طال تضرعهم أذن لهم بتقريب قربانهم بمنى فلما ان قضوا تفثهم وقربوا قربانهم فتطهروا بها من الذنوب التي كانت لهم أذن لهم بالوفادة إليه على الطهارة قيل يا أمير المؤمنين فمن أين حرم صيام أيام التشريق قال لان القوم زوار الله وهم في ضيافته ولا يجوز للضيف ان يصوم دون اذن من أضافه قيل يا أمير المؤمنين فتعلق الرجل بأستار الكعبة لأي معنى هو قال مثل الرجل بينه وبين سيده جناية فتعلق بثوبه وتنصل إليه وتحدى له ليهب له جنايته * وأخرج ابن زنجويه والأزرقي والجندي ومسدد والبزار في مسنديهما وابن مردويه والإصبهاني في الترغيب عن أنس بن مالك قال كنت قاعدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما عليه ثم قالا يا رسول الله جئنا نسألك قال إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه وان شئتما سألتماني قال أخبرنا يا رسول الله نزداد ايمانا ويقينا قال للأنصاري جئت تسأل عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام ومالك فيه وعن طوافك ومالك فيه وعن ركعتيك بعد الطواف ومالك فيهما وعن طوافك بين الصفا والمروة ومالك فيه وعن وقوفك بعرفة ومالك فيه وعن رميك الجمار ومالك فيه وعن طوافك بالبيت ومالك فيه يعنى الإفاضة قال والذي بعثك بالحق ما جئت الا لأسألك عن ذلك قال اما مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام فان ناقتك لا ترفع خفا ولا تضعه الا كتب الله لك به حسنة ومحا به عنك خطيئة وأما طوافك بالبيت فإنك لا ترفع قدما ولا تضعها الا كتب الله لك بها حسنة ومحا عنك بها خطيئة ورفع لك بها درجة وأما ركعتاك بعد الطوافك فكعتق رقبة من بنى إسماعيل واما طوافك بين الصفا والمروة فكعتق سبعين رقبة واما وقوفك عشية عرفة فان الله تعالى يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة ويقول انظروا إلى عبادي جاؤني من كل فج عميق شعثا غبرا يرجون رحمتي ومغفرتي فلو كانت ذنوبهم مثل الرمل وعدد القطر ومثل زبد البحر ومثل نجوم السماء لغفرتها لهم ويقول أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم فيه وأما رميك الجمار فان الله يغفر لك بكل حصاة رميتها كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات واما نحرك فمدخور لك عند ربك وأما طوافك بالبيت يعنى الإفاضة فإنك تطوف ولا ذنب عليك ويأتيك ملك فيضع يده بين كتفيك ويقول اعمل لما بقى فقد كفيت ما مضى * وأخرج البزار والطبراني وابن حبان عن ابن عمر قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»
الفهرست