الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
في مسجد منى فاتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما ثم قالا يا رسول الله جئناك نسألك فقال إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت وان شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت فقالا أخبرنا يا رسول الله فقال الثقفي للأنصاري سل فقال أخبرني يا رسول الله فقال جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام ومالك فيه وعن ركعتيك بعد الطواف ومالك فيهما وعن طوافك بين الصفا والمروة ومالك فيه وعن وقوفك عشية عرفة ومالك فيه وعن رميك الجمار ومالك فيه وعن نحرك ومالك فيه مع الإفاضة فقال والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك قال فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعه الا كتب لك به حسنة ومحى عنك خطيئة وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بنى إسماعيل واما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة واما وقوفك عشية عرفة فان الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة فيقول عبادي جاؤني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون جنتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الموبقات واما نحرك فمدخور لك عند ربك واما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة ويمحى عنك بها خطيئة واما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول اعمل فيما يستقبل فقد غفر لك ما مضى * وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال أيها الناس ان الله تطول عليكم في مقامكم هذا فقبل من محسنكم وأعطى محسنكم ما سال ووهب مسيئكم لمحسنكم الا التبعات فيما بينكم أفيضوا على اسم الله فلما كان غداة جمع قال أيها الناس ان الله قد تطول عليكم في مقامكم هذا فقبل من محسنكم ووهب مسيئكم لمحسنكم والتبعات بينكم عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله فقال أصحابه يا رسول الله أفضت بنا بالأمس كئيبا حزينا وأفضت بنا ليوم فرحا مسرورا فقال انى سألت ربى بالأمس شيئا لم يجد لي به سألته التبعات فأبى على فلما كان اليوم أتاني جبريل فقال إن ربك يقرئك السلام ويقول ضمنت التبعات وعوضتها من عندي * وأخرج الطبراني عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة أيها الناس ان الله تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم الا التبعات فيما بينكم ووهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى محسنكم ما سأل فادفعوا باسم الله فلما كان بجمع قال إن الله قد غفر لصالحيكم وشفع لصالحيكم في طالحيكم تنزل الرحمة فتعمهم ثم يفرق المغفرة في الأرض فيقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده وإبليس وجنوده بالويل والثبور * وأخرج ابن ماجة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير والطبراني والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في المختارة عن العباس ابن مرداس السلمي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لامته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأوحى الله إليه انى قد فعلت الا ظلم بعضهم بعضا واما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها فقال يا رب انك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم فلم يجبه تلك العشية فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله انى قد غفرت لهم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله أصحابه قال تبسمت من عدو الله إبليس انه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثو التراب على رأسه * وأخرج ابن أبي الدنيا في الأضاحي وأبو يعلى عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تطول على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة فيقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أقبلوا يضربون إلى من كل فج عميق فأشهدكم انى قد أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت لمحسنهم جميع ما سألوني غير التبعات التي بينهم فإذا أفاض القوم إلى جمع ووقفوا وعادوا في الرغبة والطلب إلى الله فيقول يا ملائكتي عبادي وقفوا فعادوا في الرغبة والطلب فأشهدكم انى قد أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت محسنيهم جميع ما سألوني وكفلت عنهم التبعات التي بينهم * وأخرج ابن المبارك عن أنس بن مالك قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وقد كادت الشمس ان تؤوب فقال يا بلال أنصت لي الناس فقام بلال فقال انصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنصت الناس فقال يا معاشر الناس أتاني جبريل آنفا فأقرأني من ربى السلام
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست