الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٠٤
مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما * وأخرج أحمد والطبراني وابن عدي والدارقطني بسند ضعيف عن طلق بن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الله الأهلة مواقيت للناس فإذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا فان غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين * قوله تعالى (وليس البر بان تأتوا البيوت) الآية * أخرج وكيع والبخاري وابن جرير عن البراء قال كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره فأنزل الله وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها * وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي المنذر وابن أبي حاتم عن البراء كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا لم يدخلوا البيوت الا من ظهورها فجاء رجل من الأنصار فدخل من بابه فقيل له في ذلك فنزلت هذه الآية * وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر قال كانت قريش تدعى الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الاحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الاحرام فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا يا رسول الله ان قطبة بن عامر رجل فاجر وانه خرج معك من الباب فقال له ما حملك على ما صنعت قال رأيتك فعلته ففعلته كما فعلت قال انى رجل أحمس قال له فان ديني دينك فأنزل الله وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجالا من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوه شيئا أحرم فأمن فإذا أحرم لم يلج من باب بيته واتخذ نقبا من ظهر بيته فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كان بها رجل محرم كذلك وان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستانا فدخله من بابه ودخل معه ذلك المحرم فناداه رجل من ورائه يا فلان انك محرم وقد دخلت مع الناس فقال يا رسول الله ان كنت محرما فانا محرم وان كنت أحمس فانا أحمس فأنزل الله وليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها إلى آخر الآية فأحل للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قيس بن جبير النهشلي ان الناس كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا حائطا من بابه ولا دارا من بابها وكانت الحمس يدخلون البيوت من أبوابها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دارا وكان رجل من الأنصار يقال له رفاعة بن تابوت فجاء فتسور الحائط ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خرج من باب الدار خرج معه رفاعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على ذلك قال يا رسول الله رأيتك خرجت منه فخرجت منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى رجل أحمس فقال إن تكن رجلا أحمس فان ديننا واحد فأنزل الله وليس البر الآية * وأخرج ابن جرير عن الزهري قال كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شئ يتحرجون من ذلك وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فتبدو له الحاجة فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء فيفتح الجدار من ورائه ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته حتى بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل زمن الحديبية بالعمرة فدخل حجرة فدخل رجل على أثره من الأنصار من بنى سلمة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم انى أحمس وكان الحمس لا يبالون ذلك فقال الأنصاري وأنا أحمس يقول وأنا على دينك فأنزل الله وليس البر الآية * وأخرج ابن جرير عن السدى قال إن ناسا من العرب كانوا إذا حجوا لم يدخلوا بيوتهم من أبوابها كانوا ينقبون في أدبارها فلما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أقبل يمشى ومعه رجل من أولئك وهو مسلم فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم باب البيت احتبس الرجل خلفه وأبى أن يدخل قال يا رسول الله انى أحمس وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون الحمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أيضا أحمس فادخل فدخل الرجل فأنزل الله وأتوا البيوت من أبوابها * وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي في الآية قال كان الرجل من أهل الجاهلية إذا أتى البيت من بيوت بعض أصحابه أو ابن عمه رفع البيت من خلفه أي بيوت الشعر ثم يدخل فنهوا عن ذلك وأمرا أن يأتوا البيوت من أبوابها ثم يسلموا * وأخرج ابن أبى حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت فأنزل الله وليس البر الآية * وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا البيوت من ظهورها ويرون ان ذلك أدنى إلى البر فأنزل الله الآية * وأخرج عبد بن حميد عن الحسن
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست