الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج قال يمنعني ان الله حرم دم أخي قالا ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون ان تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير لله * وأخرج البخاري عن نافع ان رجلا أتى ابن عمر فقال ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله وقد علمت ما رغب الله فيه قال يا ابن أخي بنى الاسلام على خمس ايمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قال ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الاسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه اما قتلوه واما عذبوه حتى كثر الاسلام فلم تكن فتنة * وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي ظبيان قال جاء رجل إلى سعد فقال له الا تخرج تقاتل مع الناس حتى لا تكون فتنة فقال سعد قد قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم تكن فتنة فاما أنت وذا البطين تريدون ان أقاتل حتى تكون فتنة * قوله تعالى (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص) * أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا في سنة ست من الهجرة وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين وأقصه الله منهم نزلت هذه الآية الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص * وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صد عن البيت ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل فلما كان العام القابل تجهز وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي قريش بذلك وان يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام فأنزل الله ذلك * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرموا بالعمرة في ذي القعدة ومعهم الهدى حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يرجع ثم يقدم عاما قابلا فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهدى بالحديبية وحلفوا أو قصروا فلما كان عام قابل أقبلوا حتى دخلوا مكة في ذي القعدة فاعتمروا وأقاموا بها ثلاثة أيام وكان المشركون قد فخروا عليه حين صدوه يوم الحديبية فقص الله له منهم فادخله مكة في ذلك الشهر الذي ردوه فيه فقال الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص قال فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام فادخله الله مكة من العام المقبل فقضى عمرته وأقصه ما حيل بينه وبين يوم الحديبية * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدى حتى إذا كانوا بالحديبية فصدهم المشركون فصالحهم نبي الله ان يرجع عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل فيكون بمكة ثلاث ليال ولا يدخلوها الا بسلاح الراكب ولا يخرج بأحد من أهل مكة فنحروا الهدى بالحديبية وحلقوا وقصروا حتى إذا كان من العام المقبل أقبل نبي الله وأصحابه معتمرين في ذي القعدة حتى دخلوا فأقام بها ثلاث ليال وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية فأقصه الله منهم وأدخله مكة في ذلك الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة فقال الله الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص * وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن جريج قال قلت لعطاء قول الله عز وجل الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فقال هذا يوم الحديبية صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام وكان معتمرا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة التي بعدها معتمرا مكة فعمرة في الشهر الحرام بعمرة في الشهر الحرام * وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة وابن شهاب قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمرا في ذي القعدة سنة سبع وهو الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام وأنزل الله في تلك العمرة الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فاعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر الحرام الذي صد فيه
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست