ليس بظلام للعبيد * الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جآءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين * فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جآءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير * كل نفس ذآئقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحيواة الدنيا إلا متاع الغرور) *)) ) * الزبر: جمع زبور، وهو الكتاب. يقال: زبرت أي كتبت، فهو بمعنى مفعول أي: مزبور، كالركوب بمعنى المركوب. وقال امرؤ القيس:
* لمن طلل أبصرته فشجاني * كخط زبور في عسيب يمان * ويقال: زبرته قرأته، وزبرته حسنته، وتزبرته زجرته. وقيل: اشتقاق الزبور من الزبرة، وهي القطعة من الحديد التي تركت بحالها.
الزحزحة: التنحية والإبعاد، تكرير الزح وهو الجذب بعجلة ويقال: مكان زحزح أي بعيد.
الفوز: النجاة مما يحذر والظفر بما يؤمل، وسميت الأرض القفر البعيدة المخوف من الهلاك فيها مفازة على سبيل التفاؤل، لا من قطعها فاز. وقيل: لأنها مظنة تفويز، ومظنة هلاك. تقول العرب: فوز الرجل مات.
* (لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء) * نزلت في فنحاص بن عازوراء، حاوره أبو بكر في الإسلام وأن يقرض الله قرضا حسنا فقال: هذه المقالة فضربه أبو بكر ومنعه من قبله العهد، فشكاه إلى الرسول وأنكر ما قال، فنزلت تكذيبا لفنحاص، وتصديقا للصديق قاله: ابن عباس، وعكرمة، والسدي، ومقاتل، وابن إسحاق رضي الله عنهم، وساقوا القصة مطولة. وقال قتادة: نزلت في حيي بن أخطب، وقال هو أيضا والحسن ومعمر وغيرهم: في اليهود. وذكر أبو سليمان الدمشقي في الياس بن عمر. ولما نزل * (من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا) * قال أو قالوا: إنما يستقرض الفقير الغني، والظاهر أن قائل ذلك جمع، فيمكن أن ذلك صدر من فنحاص أو حيي أولا، ثم تقاولها اليهود، أو صدر ذلك من واحد فقط، ونسب للجماعة على عادة كلام العرب في نسبتها إلى القبيلة فعل الواحد منها.
ومعنى لقد سمع الله: أنه لم يخف عليه تعالى مقالتهم، ومقالتهم هذه إما على سبيل الاستهزاء بما نزل من طلب الإقراض، وإما على سبيل الجدل والإلزام، لأن من طلب الإقراض كان فقيرا. وإما على الاعتقاد، ولا يستبعد ذلك من عقولهم، إذ قد حكى الله عنهم * (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم) * وأياما كان من هذه الأسباب، فذلك دليل