تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ١٣١
الخبيث هو الكافر والطيب هو المؤمن كما قال: * (الخبيثات للخبيثين) * الآية.
واللام في قوله: ليذر هي المسماة لام الجحود، وهي عند الكوفيين زائدة لتأكيد النفي، وتعمل بنفسها النصب في المضارع. وخبر كان هو الفعل بعدها فتقول: ما كان زيد يقوم، وما كان زيد ليقوم، إذا أكدت النفي. ومذهب البصريين أن خبر كان محذوف، وأن النصب بعد هذه اللام بأن مضمرة واجبة الإضمار، وأن اللام مقوية لطلب ذلك المحذوف لما بعدها، وأن التقدير: ما كان الله مريدا ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه، أي: ما كان مريدا لترك المؤمنين. وقد تكلمنا على هذه المسألة في كتابنا المسمى بالتكميل في شرح التسهيل. وحتى للغاية المجردة، والتقدير: إلى أن يميزها كذا قالوا، وهو مشكل على أن تكون غاية على ظاهر اللفظ، لأنه يكون المعنى: لا يتركهم مختلطين إلى أن يميز، فيكون قد غيا نفي الترك إلى وجود التمييز، فإذا وجد التمييز تركهم على ما هم عليه من الاختلاط، وصار نظير ما أضرب زيدا إلى أن يجيء عمرو، فمفهومه: إذا جاء عمرو ضربت زيدا، وليس المراد من الآية هذا المعنى، وإنما هي غاية لما تضمنه الكلام السابق من المعنى الذي يصح أن يكون غاية له. ومعنى ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه: أنه تعالى يخلص ما بينكم بالابتلاء والامتحان، إلى أن يميز الخبيث من الطيب. وقرأ الأخوان: يميز من ميز، وباقي السبعة يميز من ماز. وفي رواية عن ابن كثير: يميز من أماز، والهمزة ليست للنقل، كما أن التضعيف ليس للنقل، بل أفعل وفعل بمعنى الثلاثي المجرد كحزن وأحزن، وقدر الله
(١٣١)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»