تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ١٤٠
اللبن، يعني: أن متاع الدنيا قليل لا يكفي من تمتع به ولا يبلغه سفره. ومن كلام العرب عش ولا تغتر. أي: لا تجتزىء بما لا يكفيك. وقال ابن عرفة: الغرور ما رأيت له ظاهرا حسنا وله باطن مكروه أو مجهول، والشيطان غرور لأنه يحمل على مخبآت الناس ووراء ذلك ما يسوء. قال: ومن هذا بيع الغرور، وهو ما كان له ظاهر بيع وباطن مجهول. وقال أبو مسلم الأصبهاني: وما الحياة الدنيا بحذف المضاف تقديره: وما نفع الحياة الدنيا إلا نفع الغرور. أي: نفع يغفل عن النفع الحقيقي لدوامه، وهو النفع في الحياة الأخروية. وإضافة المتاع إلى الغرور أن جعل الغرور جمعا فهو كقولك: نفع الغافلين. وإن جعل مصدرا فهو كقولك: نفع إغفال، أي إهمال فيورث الغفلة عن التأهب للآخرة. وقرأ عبد الله بن عمر: المغرور بفتح الغين، وفسر بالشيطان ويحتمل أن يكون فعولا بمعنى مفعول، أي: متاع المغرور، أي: المخدوع.
وتضمنت هذه الآيات التجنيس المغاير في قوله: الذين قالوا: والمماثل في: قالوا، وسنكتب ما قالوا، وفي: كذبوك فقد كذب. والطباق في: فقير وأغنياء، وفي: الموت والحياة، وفي: زحزح عن النار وأدخل الجنة. والالتفات في: سنكتب ونقول، وفي: أجوركم، إذ تقدمه كل نفس. والتكرار في: لفظ الجلالة، وفي البينات. والاستعارة في: سنكتب على قول من لم يجعل الكتابة حقيقة، وفي: قدمت أيديكم، وفي: تأكله النار، وفي: ذوقوا وذائقة. والمذهب الكلامي في فلم قتلتموهم. والاختصاص في: أيديكم. والإشارة في: ذلك، والشرط المتجوز فيه. والزيادة للتوكيد في: وبالزبر وبالكتاب في قراءة من قرأ كذلك. والحذف في مواضع.
2 (* (لتبلون فىأموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذالك من عزم الا مور * وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه ورآء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون * لا تحسبن الذين يفرحون بمآ أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم * ولله ملك السماوات والا رض والله على كل شىء قدير * إن فى خلق السماوات والا رض واختلاف اليل والنهار لايات لا ولى الا لباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السماوات والا رض ربنآ ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار * ربنآ إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار * ربنآ إننآ سمعنا مناديا ينادى للإيمان أن ءامنوا بربكم فأامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الا برار * ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد * فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»