تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥٠
* (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) * إن كان المراد بقوله: * (ترى كثيرا منهم) * أسلافهم، فالنبي داود وعيسى أو معاصري الرسول، فالنبي هو محمد صلى الله عليه وسلم)، والذين كفروا عبدة الأوثان. والمعنى: لو كانوا يؤمنون إيمانا خالصا غير نفاق، إذ موالاة الكفار دليل على النفاق. والظاهر في ضمير كانوا وضمير الفاعل في ما اتخذوهم أنه يعود على كثيرا منهم، وفي ضمير المفعول أنه يعود على الذين كفروا. وقال القفال وجها آخر وهو: أن يكون المعنى ولو كان هؤلاء المتولون من المشركين يؤمنون بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم) ما اتخذهم هؤلاء اليهود أولياء. والوجه الأول أولى، لأن الحديث إنما هو عن قوله كثيرا منهم، فعود الضمائر على نسق واحد أولى من اختلافها. وجاء جواب لو منفيا بما بغير لام، وهو الأفصح، ودخول اللام عليه قليل نحو قوله:
* لو أن بالعلم تعطى ما تعيش به * لما ظفرت من الدنيا بنقرون * * (ولاكن كثيرا منهم فاسقون) * خص الكثير بالفسق، إذ فيهم قليل قد آمن.
والمخبر عنهم أولا هو الكثير، والضمائر بعده له، وليس المعنى. ولكن كثيرا من ذلك الكثير. ولكنه لما طال أعيد بلفظه، وكان من وضع الظاهر بلفظه موضع الضمير، إذ كان السياق يكون: ما اتخذوهم أولياء، ولكنهم فاسقون. فوضع الظاهر موضع هذاالضمير.
(٥٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550