بمعروف، أو بتخلية سبيلهن بانقضاء العبدة، ثم أكد الأمر بالإمساك بمعروف، بأن نص على النهي عن إمساكهن ضرارا بهن، وجاء النهي على حسب ما كان يقع منهم في الجاهلية من الرجعة، ثم الطلاق، ثم الرجعة، ثم الطلاق على سبيل المضارة للنساء، فنهوا عن هذه الفعلة القبيحة تعظيما لهذا الفعل السيء الذي هو أعظم إيذاء النساء، ثم ذكر تعالى أن من ارتكب ما نهى الله عنه من ذلك فقد ظلم نفسه، أي: إن إمساك النساء على سبيل المضارة، وتطويل عدتهن، إنما وبال ذلك في الحقيقة على نفسه، حيث ارتكب ما نهى الله عنه، ثم نهى تعالى عن اتخاذ آيات الله هزوا، لأنه تعالى قد أنزل آيات في النكاح، والحيض، والإيلاء، والطلاق، والعدة، والرجعة، والخلع، وترك المضارة، وتضمنت أحكاما بين الرجال والنساء، وإيجاب حقوق لهم وعليهم، وكان من عادة العرب عدم الاكتراث بأمر النساء حتى كانوا لا يورثون البنات احتقارا لهن، وذكر قبل هذا أن من تعدى حدود الله فهو ظالم، أكد ذلك بالنهي عن اتخاذ آيات الله هزوا، بل تؤخذ بجد وقبول، وإن كان فيها ما يخالف عاداتهم، ثم أمرهم بذكر نعمته، تنبها على أن من أنعم عليك فيجب أن يأخذ ما يلقي الله من الآيات بالقبول، ليكون ذلك شكرا لنعمته السابقة، ثم نبه تعالى على أن ما أنزل من الكتاب والحكمة فهو واعظ لكم، فينبغي قبوله والانتهاء عنده، ثم أمر بتقوى الله تعالى، وبأن يعلموا أن الله بكل شيء عليم، فهو لا يخفي عنه شيء من أفعالكم، وهو يجازيكم عليها.
ثم ذكر تعالى أن الأزواج إذا طلقوا نساءهم وانقضت عدتهن لا تعضلوهن عن تزوج من أردن إذا وقع تراض بين المطلقة وخاطبها، وكان من عادة العرب أن من طلق منهم امرأة وبتها يعضلها عن التزوج بغيره، ثم أشار بقوله: ذلك إلى العضل، وذكر أنه يوعظ به المؤمن بالله تعالى وباليوم الآخر، لأن من لم يكن مؤمنا لم يزد جر عن ما نهى الله عنه، ونبه على الإيمان باليوم الآخر، لأن ثمرة مخالفة النهي إنما تظهر في الدار الآخرة، ثم أشار بقوله: * (ذالكم أزكى لكم) * إلى التمكين من التزويج وعدم العضل لما في ذلك من الثواب بامتثال أمر الله تعالى، وأطهر لما يخشى من اجتماع الخاطب والمرأة على ريبة إذا منعا من التزويج، ثم نسب العلم إليه تعالى ونفاه عن المخاطبين، إذ هو العالم بخفايا الأمور وبواطنها.
ثم شرع تعالى في ذكر أشياء من نتائج التزويج من إرضاع الوالدات أولادهن، وذكر حد ذلك لمن أراد الإتمام، وما يجب للمرأة على الزوج وعلى وارثه إذا مات الزوج من النفقة والكسوة، وأن ذلك بالمعروف من غير إجحاف لا بالزوج ولا بالزوجة، وذكر جواز فصله وفطامه إذا كان ذلك برضا أبيه وأمه قبل الحولين، وجواز الاسترضاع للأولاد إذا اتفق الرجل والزوجة على ذلك، وأشار إلى تسليم أجر الأظآر تطييبا لأنفسهن وإعانة لهن على محبة الصغير، واشتمالهن عليه حتى ينشأ كأنه قد أرضعته أمه، فإن الإحسان جالب للمحبة، ثم ختم هذه الآية بالأمر بتقوى الله تعالى، وبأن يعلموا أن الله بكل شيء بصير، كما ختم تعالى الآية الأولى بالأمر بالتقوى بالعلم بأن الله بكل شيء عليم، وذلك إشارة إلى المجازاة، وتهديد ووعيد لمن خالف أمره تعالى.
2 (* (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فىأنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير * ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النسآء أو أكننتم فىأنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولاكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما فىأنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم * لا جناح عليكم إن طلقتم النسآء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين * وإن